: آخر تحديث

التجرد من التراث بلا بديل

6
5
5

ما رأيك في موضوع تراثي، غير أنه من الوزن الثقيل، فقد لا يكون ممازجاً مزاجَك؟ بصراحة، ظل القلم يؤجل الموضوع ويسوّف، حتى صار كأنه قضية عربية من قبيل «يا ليلُ الصبرُ متى غدهُ؟» لكن، لا عليك، فسوف نرقّقه ونرقرقه. سؤال بسيط: ما هي عواقب التجرد من ثقافة التراث، عندما يفتقر الناس إلى بديل فاعل؟بادئ ذي بدء، سيستريح المثقف العربي من عناء التنقيب، في الأوساط المعنية، عن ثقافة الفعل، وإلّا أضحى كساعٍ إلى صيد أسماك السلمون في الصحراء الكبرى. لك أن تقول: لو كانت في الساحة ثقافة فعل، هل كانت الأوضاع تتهلهل، والمعضلات تتسلسل، والليل ينوء بكلكل؟ معاذ الله أن يكون المقصود أن المثقفين العرب أفنوا عقوداً في تغيير أثواب المصطلحات، في الفلسفة ومدارس النقد ومذاهب الأدب والفن، من دون أن نشهد تحولات كبرى في هذه الميادين. حتى يومنا هذا لم يَزْدَنْ فراش الثقافة العربية بمولود فلسفة ميمون الطلعة، بهيّ المحيّا، يجمعنا حول موائد مستديرة، نتسلى فيها بالتراشق بأسئلة وجودية: أليس من الضروري تساؤل العرب عن الخصائص المستمدة من ميراثهم الثقافي، التي تشكل ركائز هويتهم اليوم وغداً؟ ما هي مؤهلات الأوضاع الحاضرة، القادرة على إبراز الوجود في مقبل العقود؟ إذا لم يكن هذا النمط من الأسئلة حاضراً، فهل نتصور أن الثقافة منفصلة معزولة عن الجغرافيا السياسية والاستراتيجية ومنظومة الأمن القومي، أمناً سيادياً، سياسياً، غذائياً، علمياً، اقتصادياً، تعليمياً وثقافياً؟أليس على المثقفين أن يغيروا ما بأذهانهم من مفاهيم الثقافة؟ هل من الثقافة في عصرنا أن يتقوقع الفهم في أجناس الآداب والفنون، ويستعرض الإنتاج الموروث والمستورد على طريقة عروض دور الأزياء، في حين لا يرى القوم شأناً ثقافياً من الوزن الثقيل، أن يتحلق أقوياء الأرض لتقرير مصير بلدان عربية، مثل العراق، ليبيا، سوريا، لبنان، فلسطين، في غياب عربي؟ ما هي الثقافة التي تمنع المثقف من السؤال: ماذا على الأمم أن تفعل عندما تُقفر ساحة القانون الدولي؟ هل ينتظر المثقف العربي أن يهب عنترة أو المتنبي أو أبو تمام، ويضع خططاً فعالةً للتنمية الشاملة في زماننا، ويعرك أذن الثقافة: ما لكِ أيتها الحسناء، حتى ترسانة مرادفات السيف تخليتِ عنها للمجتمع الدولي، حتى مرادفات الليث الهصور سلمتها لحدائق الحيوانات؟لزوم ما يلزم: النتيجة الحيرويّة: هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن ينوب عن التنميات المتعثرة، في دخول المستقبل؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد