في الثالث من آذار (مارس) عام 2003، انطلقت قناة "العربية"، وقد رسّخت في بداياتها تقديم محتوى إخباري شامل يركز على الجوانب الأمنية والاستراتيجية للأحداث الدولية والإقليمية، حاملةً في خطّها التحريري لواء الاعتدال ورفع الوعي للمتلقي العربي، بعيدًا عن الأساليب الرخيصة التي تخاطب العاطفة. واليوم، بعد مرور أكثر من عقدين على انطلاقها، يستطيع كل منصف القول بأن العربية نجحت في رسالتها، بعيدًا عن أساليب التعبئة والإثارة والشعبوية، تشهد بذلك حجم المشاهدات للقناة وبقية شقيقاتها ("الحدث" وأخواتها).
لم يكن الطريق الذي سلكته "العربية" مفروشًا بالورود، بل واجهت العديد من التحديات، ابتداءً من التشكيك في مصداقيتها من قبل المجاميع المسروقة عقولهم من حرزها، أسرى للفكر المتطرف، وقد اتضح ذلك جليًا عندما داست القناة على دمامل التكفير، وأعملت معولها عبر برامج متعددة كبرنامج "صناعة الموت" الذي فضح التنظيمات التكفيرية، فباتت "العربية" بمبادراتها التنويرية هدفًا مشروعًا لكل الإرهابيين ومفكريهم ومنظّريهم الذين لم يعتادوا هذا الطرح الشجاع. واستمرت القناة في نهجها، لم ترهبها هرطقات خفافيش الظلام، ولم ترعبها تهديدات الإرهابيين أينما وُجدوا، فلكل أبطال القناة الذين عملوا في تلك الفترة الحرجة، كل التحية والاحترام، وأخصّ الزميلة الأستاذة ريما صالحة ابنة بيروت، التي نالها من التهديدات بالقتل ما لم ينل غيرها.
قاد قناة "العربية" منذ فجر انطلاقتها نخبة من مفاخر الإعلام العربي، أستذكرهم هنا بكل الفخر والاعتزاز، وأحيّي ذكرى الأستاذ صالح القلاب رحمه الله، أول مدير للقناة، وأدعو بالتوفيق والسداد للأساتذة الذين تعاقبوا على إدارة دفّة العربية: أستاذنا عبد الرحمن الراشد، معالي الدكتور عادل الطريفي، الأستاذ تركي الدخيل، الدكتور نبيل الخطيب. واليوم – وما أجمل اليوم – يتولى إدارة القناة الأستاذ ممدوح المهيني، ويزداد الألق بانضمام الأستاذ زيد بن كمّي لأسرة القناة نائبًا للمدير؛ كم هو مُبهج رؤية الكوادر السعودية وهي تدير قناة عالمية فائقة المهنيّة والاحترافية بحجم قناة العربية. هذه السعادة الغامرة لكل محب للإعلام السعودي، لا يدانيها سعادة سوى اكتمال انتقال القناة بكافة منصاتها الرقمية، والموقع الإلكتروني، وانتقال عملياتها التحريرية والإدارية والتشغيلية كافة إلى بيت العرب الكبير وعاصمة قراره مدينة الرياض، لتمارس العربية عملها اليومي من مقر القناة الواقع في حي السفارات (الحي الدبلوماسي). أصدق الأمنيات باستمرار التميّز للزملاء في تقديم رسالة إعلامية فائقة القيمة والمحتوى كما عودتنا العربية دائمًا.