في موازاة الحرب الوحشية، بكل أنواعها، التي تشنّها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، تبرز أهمية المؤتمر الدولي لحل الدولتين الذي تتبناه المملكة العربية السعودية وفرنسا، كونه يحيي أولًا قيم السلام العادل والشامل في المنطقة، ويثبت القرارات الدولية ذات الصلة على طريق السلام، وبالتبعية درب الشرق الأوسط الجديد الذي ترتسم ملامحه بخرائط الدم.
يجيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اقتناص الأزمات واستثمارها في بورصة التوسع والنفوذ، وتصويت الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي أخيرًا على قرار بالسيادة الإسرائيلية على أراضٍ في الضفة الغربية وغور الأردن، يعني إعادة عقارب الصراع إلى ما قبل اتفاق أوسلو، ويضع الدولة العبرية في مواجهة مع المجتمع الدولي.
القرار الإسرائيلي يعكس حقيقة أن وحشية آلة الدمار السياسية لا تقل شراسة عما نشهده من انتهاكات عسكرية إسرائيلية في غزة وغيرها من المناطق.
قراءة سريعة في توقيت قرار الكنيست تُظهر أن تل أبيب تصوّب مسبقًا على انطلاق جلسات مؤتمر حل الدولتين في نيويورك الأسبوع المقبل، وما تسرّب من معلومات ومواقف يظهر أن المؤتمر هو بمثابة جبهة سياسية عربية دولية تقودها الرياض، هدفها وقف الغطرسة الإسرائيلية، وإعادة تصويب مسار القضية الفلسطينية الذي اهتز إنسانيًا وأمنيًا وسياسيًا بعد السابع من أكتوبر عام 2023، فضلًا عن إحياء قيم السلام والقرارات الدولية.
تدرك حكومة نتنياهو أنه لا مناص من التعايش مع نحو 5 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكنها تضغط باتجاه تقليص صلاحيات الكيان الفلسطيني وحجمه إلى مرحلة تجعله أسير السيادة الإسرائيلية. وهنا مربط التفاوض، وربما الصراع؟!
مؤتمر "حل الدولتين" يناقش سلة طروحات وحلول تحدد لنتنياهو طريقًا واحدًا للعبور نحو التطبيع، بوابته الدولة الفلسطينية. ومن هنا تأتي أهمية إعلان فرنسا عزمها الاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل، وهو الموعد السنوي لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
يبقى السؤال: ماذا عن الموقف الأميركي من الدولة الفلسطينية؟
إنه اختبار حقيقي وصعب أمام سيد البيت الأبيض.