: آخر تحديث

تصعيد القمع السياسي في إيران: ضرورة الرد الدولي الحازم والسريع

7
6
5

إنَّ تصعيد القمع السياسي في إيران، وخاصة في السجون، يُعد مؤشرًا على سعي النظام الممنهج لترسيخ سلطته من خلال الترهيب وإقصاء المعارضين. وقد حذرت "اللجنة الألمانية للتضامن مع إيران حرة" في بيان لها من أن "النظام الإيراني يعد لتصفية حسابات دموية". هذا البيان، الذي يركز على الموجة الجديدة من القمع والإعدامات الوشيكة ضد السجناء السياسيين، يمثل ناقوس خطر للمجتمع الدولي ليتبنى موقفًا حاسمًا إزاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران.

أبعاد القمع وانتهاكات حقوق الإنسان
وفقًا لبيان اللجنة الألمانية للتضامن، "حكم النظام الإيراني مؤخرًا بالإعدام على 15 سجينًا سياسيًا على الأقل بتهمة العضوية في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية". هذه الأحكام، التي يتهدد تنفيذها الفوري بعض السجناء، صدرت في ظروف تعرض فيها المتهمون لـ"تعذيب طويل" و"احتجاز في الحبس الانفرادي"، وجرت محاكماتهم في "الفرع الأول من محكمة الثورة بالأهواز" بشكل صوري. وقد ذُكرت اتهامات مثل "المحاربة"، و"العضوية في مجاهدي خلق"، و"الدعاية ضد النظام" كأساس لهذه الأحكام؛ وهي اتهامات تصفها اللجنة بأنها "ملفقة". ومن الأمثلة البارزة على هذا القمع، الحكم على ثلاثة سجناء سياسيين آخرين بالإعدام مرتين وسنة سجن لكل منهم، وعلى سجينين آخرين بالسجن 12 و15 عامًا.

وفقًا لإعلان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) بتاريخ 25 تموز (يوليو)، فقد أُعدم في شهر حزيران (يونيو) 81 شخصًا، بالرغم من تزامن ذلك مع شهر محرم (الشهر الأول من التقويم الهجري، وهو ذو أهمية قصوى للمسلمين)، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 170 بالمئة عن الإعدامات المسجلة في الفترة نفسها من العام الشمسي الماضي. ويضيف الإعلان أنه في عام رئاسة مسعود بزشكيان، أُعدم ما لا يقل عن 1459 شخصًا. تُظهر هذه الإحصائيات الاستخدام الممنهج للعقوبات المشددة لإسكات المعارضين السياسيين. وتتعارض هذه الإجراءات بشكل صارخ مع مبادئ حقوق الإنسان، لا سيما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك الحق في الحياة والحق في محاكمة عادلة.

الخلفيات السياسية والإستراتيجية للقمع
تشير اللجنة الألمانية للتضامن إلى نقطة مهمة: "هذا التصعيد في القمع يحدث في ظل استمرار المفاوضات النووية". هذا التزامن ليس صدفة. فالنظام الإيراني، في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية، يستخدم إستراتيجية مزدوجة: إظهار المرونة في المفاوضات الدولية لكسب الشرعية وتخفيف الضغوط الاقتصادية، وفي الوقت نفسه، تصعيد القمع الداخلي لضمان بقائه السياسي. وتصف اللجنة الألمانية هذا النهج بأنه "عرض للمفاوضات في الخارج وقمع في الداخل". هذه الإستراتيجية هي محاولة للحفاظ على الصورة الدولية والسيطرة على المعارضين في الداخل.

يرجع هذا النهج إلى التاريخ السياسي لإيران بعد ثورة 1979. فقد استخدم النظام الإيراني مرارًا وتكرارًا نفوذ الإعدام والقمع لإقصاء المعارضين. ومن الأمثلة البارزة على ذلك، مذبحة السجناء السياسيين في صيف 1988 التي أشارت إليها اللجنة الألمانية وحذرت من أن "الوقت قد حان لاتخاذ إجراء دولي حازم، قبل تكرار كارثة مماثلة". هذه الخلفية التاريخية لا تؤكد فقط على شدة الأزمة الراهنة، بل تبرز أيضًا مسؤولية المجتمع الدولي لمنع تكرار مثل هذه الفظائع.

مسؤولية المجتمع الدولي
تطالب اللجنة الألمانية للتضامن، بصراحة، الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي والمفوض الفيدرالي لحقوق الإنسان بـ"الإدانة العلنية لأحكام الإعدام الأخيرة وقمع السجناء السياسيين". يستند هذا الطلب إلى المبدأ الأساسي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن "حقوق الإنسان يجب ألا تكون ضحية للمفاوضات النووية". أي تعاون سياسي أو اقتصادي مع إيران يجب أن يكون مشروطًا باحترام معايير حقوق الإنسان. يمكن للاتحاد الأوروبي، بصفته أحد الأطراف الرئيسية في المفاوضات النووية، استخدام نفوذه الدبلوماسي والاقتصادي للضغط على إيران. إن فرض عقوبات مستهدفة على المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، ودعم المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، والمطالبة بتشكيل لجنة تقصي حقائق في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، هي من بين الإجراءات الفعالة.

كما حذر 300 خبير وحقوقي دولي في بيان بتاريخ 22 تموز (يوليو) 2025، من أن النظام الإيراني على وشك تكرار مذبحة عام 1988، التي أُعدم خلالها أكثر من 30 ألف سجين سياسي، معظمهم من أعضاء منظمة مجاهدي خلق، بناءً على فتوى روح الله الخميني. وقد وصف تقرير تموز (يوليو) 2024 للمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بإيران، هذه الإعدامات خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري بأنها جرائم مستمرة ضد الإنسانية وإبادة جماعية. ويشمل الموقعون على هذا البيان مسؤولين سابقين في الأمم المتحدة، وقضاة محاكم دولية، ورؤساء دول، ووزراء خارجية، وحائزين على جائزة نوبل، وأساتذة جامعيين، وخبراء بارزين في حقوق الإنسان.

حقوق الإنسان كمحور للسياسة الخارجية
إنَّ الموجة الجديدة من القمع في إيران، مع أحكام الإعدام والمحاكمات الصورية ضد السجناء السياسيين، تشكل تحديًا خطيرًا للمجتمع الدولي. وتؤكد اللجنة الألمانية للتضامن بحق أن "الاستخدام الممنهج للتعذيب والاعتقالات التعسفية والإعدامات خارج نطاق القضاء يجب أن يُقابل بردود فعل سياسية حاسمة". في ظل استخدام النظام الإيراني للمفاوضات النووية كغطاء للقمع الداخلي، فإن المجتمع الدولي، ولا سيما ألمانيا والاتحاد الأوروبي، ملزم بمنع تكرار فظائع الماضي من خلال الإدانة الصريحة لهذه الإجراءات وتطبيق الضغوط السياسية والاقتصادية. كل يوم تأخير في الاستجابة العالمية يعرض حياة المزيد من الأبرياء للخطر. لقد حان الوقت لوضع حقوق الإنسان كمحور رئيسي للسياسة الخارجية تجاه إيران.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.