: آخر تحديث

هل كل ذكر رَجل؟

7
6
4

عثمان بن حمد أباالخيل

أخطاء متراكمة وجذورها محفورة في عقول الكثير من الناس حول مفهوم الرجولة وماهيتها، وهل الرجولة والذكورة شيءٌ واحد أم أنهما يختلفان لكنهما يلتقيان أحياناً. هل الفرق بينهما شاسع؟ وهل صحيح إن كل رجل ذكر وليس كلّ ذكرٍ رجلا؟ وهل اعتقاد بعضهم أن الرجولة مفهوم عام لكونهم ذكوراً ليس أكثر، فمن هو الرجل برأي عامة الناس؟ هناك من يعتقد إنّ الرجولة الجَلافة والقسوة والهيمنة والصراخ وفرض السلطة بالقوة وعدم الرحمة والتهديد بالطلاق والشتم والسبْ والقوة الجسمانية وفرد العضلات وحرمان الزوجة من حقوقها والتعالي عليها وفرض القيود غير المعقولة. الرجولة لا يستحقها إلا من يملك البشاشة والعطاء والتضحية والفداء وحسن الخلق والشهامة والمروءة، الرجولة لا يستحقها إلا من يتصف بالصدق في الفعل والقول والنخوة، الرجولة هي النضج ورجاحة العقل وتحمل المسؤولية والتسامح، ولين الجانب والمعاملة الحسنة مع زوجته وأبنائه، الرجولة هي بعد النظر عما يكدر الخاطر والحرص على الحوار، وليس الجدال وتقديم الاعتذار حين يخطئ على الآخرين، فكيف إذا أخطأ بحق زوجته، للأسف الحقيقة تقول: إن الرجال في هذا الزمان قليلون مع كل تقديري واحترامي لمن يعتبرون أنفسهم رجالا وهم ذكور. أقتبس (الرجولة معناها أن تكون مسؤولاً أولاً وأخيراً عن أفعالك. - مصطفى محمود).

تبدو الصورة واضحة لمنْ أراد أن تكون كذلك ولِمن يفرّق بين الرجولة والذكورة.

الهيئة العامة للإحصاء المسح الديموغرافي تذكر أنّ عدد سكان مملكتنا الغالية في عام 2024 هو 33.30 مليون منها 19.6 مليون نسمة سعوديون، النسبة بين عدد الذكور والإناث نسبة متقاربة جداً. فلماذا بعضهم يُسمي مجتمعنا مجتمعا ذُكوريا؟ أليستْ النسبة بين الجنسين مُتقاربة، أم إن المجتمع الذكوري وهنا أنظر إليه من زاوية الرجولة وليس من زوايا أخرى كما يراها بعضهم، وكم أتمنى أن يكون مجتمعاً إسلامياً يحفظ للمرأة حقوقها من جميع الجوانب ويعامل الرجل المرأة من باب الرجولة وليس من باب الذكورة.

المقولة الشهيرة تقول: «وراء كل رجل عظيم امرأة» رجل وليس ذكرا مقولة -بغض النظر من قائلها- فهي حقاً النساء العظيمات يدفعن الرجال إلى القمة حيث يسعون ويتمنون أنهن أمهاتنا المربيات الناجحات في تربية الذكور ليصبحوا رجالاً، حفظ الله أمهاتنا.

ثقافة تفضيل الذكور على الإناث عند بعضهم ثقافة مؤلمة تدل على زمن الجاهلية وتضر على الحالة النفسية للأنثى وتعطي انطباعاً عن غرس الرجولة الوهمية للأطفال الذكور من حيث التغاضي عن تصرفاتهم وأقوالهم، والنتيجة طفل ومن ثم ذكر بعيداً عن الرجولة. نحن بحاجة إلى رجال بكل ما تحمل الكلمة من معنى وليس ذكوراً يتعاملون مع الآخرين بطريقة فوضوية ذكورية. عبارات وألفاظ يرددها بعضهم على مسمع الإناث الأطفال يوحون إليهن بتميز أخيهن الذكر مع أن الطفل لا يرى ذلك فجميعهم أطفال في هذه المرحلة العمرية. قال تعالى: {وإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَي ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وهُوَ كَظِيمٌ} (النحل: 58).

الرجولة والذكورة لا يمكن أن تجتمع في إنسان واحد، وهناك من يُفضّل الرجولة على الذكورة، وهناك من لا يعرف معنى الرجولة بمعناها الصحيح، نحن بِحاجة إلى مجتمع رجولي وليس ذكوريا، مجتمعا إسلاميا يعطي الصورة الحقيقية للرجولة التي فقدها الكثير من الذكور.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد