: آخر تحديث

«قيصريـة الكتـاب» فـي كل سـوق!

8
6
6

سهم بن ضاوي الدعجاني

لاشك أن زيارة أمير منطقة القصيم، لعدد من الصالونات الثقافية داخل المجمعات التجارية بمدينة بريدة قبل فترة، تحمل عددا من الإشارات الحضارية.

الإشارة الأولى، هي التأكيد على أن «الثقافة» باتت «قيمة» في مجتمع المال، وعلامة فارقة في جغرافيا الاقتصاد من خلال خارطة الأسواق والمجمعات التجارية العصرية المنتشرة في عدد كبير من المناطق والمحافظات.

والإشارة الثانية هي قيمة «القراءة» في بناء الإنسان خارج أسوار المدرسة والمكتبة، هنا في «السوق» تبرز أهمية احترام الكتاب بل وقراءته ومجالسته في مثل هذه المرافق الحيوية، التي لم تعد تهدف في ظل رؤية 2030 إلى الربح المادي فقط، بل تسعى لتنمية الثقافة لدى شرائح المتسوقين من مختلف الأعمار في سبيل نشر ثقافة جودة الحياة من خلال المراهنة على تنمية الوعي.

والإشارة الثالثة هي رسالة شكر لرجال الأعمال الذين آمنوا بأهمية وقيمة «رأس المال الثقافي» ودوره في بناء المجتمعات المتحضرة، من خلال إحياء فكرة «الصالونات الثقافية» لكن هذه المرة ليست في المنازل بل في الأسواق بين الدكاكين والمتاجر، وعبر ممرات «المولات» العصرية التي تستهوي الأسرة بكل أفرادها، ليزاحم بل ليعانق الحرف الريال في مجمعاتنا التجارية وليتنفس رواد تلك «المولات» العصرية أكسجين الكتب والمكتبات التي تهدف إلى إحياء ثقافة القراءة والعناية بالكتاب، وتعزيز الجوانب الثقافية والوطنية لدى مختلف شرائح المجتمع، من خلال ما تتضمنه تلك الصوالين داخل مجمعاتنا التجارية من المبادرات النوعية والفعاليات القرائية والثقافية التي تستهدف شرائح المتسوقين، وتسهم في تعزيز الوعي وتنمية الحس الوطني وتحفيز الأسرة بكل أفرادها على الاهتمام بالقراءة والكتاب والمكتبة سعيا لتأصيل ثقافة القراءة، وهنا تذكرت حدثا مماثلا قبل 6 سنوات، في إحدى صباحات أبريل في منطقة قصر الحكم بالعاصمة الرياض، وتحديدا عام 2019م، بدأت حكاية «قيصرية الكتاب» عندما التقى أمير منطقة الرياض ونائبه تحت «خيمة الثقافة» بنخبة من مثقفي ومثقفات الرياض، وبعد جولة في الهواء الطلق كتب سموه على بياض الأمل والطموح الثقافي لعاصمة الثقافة، كتب هذه العبارة «سعيد ومتفائل بهذا الإنجاز»، فهنا في الرياض أصوات المثقفين والشعراء في أمسيات الوطن ضمن برنامج «قيصرية الكتاب» في ساحة العدل، تعانق أصوات رواد منطقة قصر الحكم، وصوت الأذان الذي يرتفع من جامع الإمام تركي بن عبد الله، وأصوات الباعة والمتسوقين في سوق الزل والزائرين للمصمك من مختلف الجنسيات، وهناك في بريدة صوت الكتاب يعانق أصوات رواد السوق، هذا العناق الحميمي بين «الكتاب» و«السوق» خلق نوعا من الثقافة المستدامة التي تعيد تشكيل معمار الثقافة في عقول وقلوب رواد الأسواق وزوار المولات كبارا وصغارا.

السؤال الحلم..

هذه المبادرات: متى تخرج من ضيق «السوق» إلى فضاء الثقافة؟ سيحصل ذلك من وجهة نظري إذا تحولت تلك المبادرات إلى ثقافة لدى رجال الأعمال والمستثمرين على امتداد خارطة الاستثمار التي تستهدف «عقول» المتسوقين وليس «جيوبهم» فقط، لتسهم في بناء «العقل» في المولات والمطارات والقطارات وصالات الانتظار، على يد جيل جديد من رجال وسيدات الأعمال الذين آمنوا بالثقافة طريقا وحيدا لجودة الحياة ووسما فريدا على جبين الثقافة، مما يجعل من «وعي المواطن» حجر زاوية في رحلة الوطن نحو التنمية المستدامة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد