هناك أحمق.. وهناك ساذج، وتختلف الدرجة في كليهما من شخص لآخر.. وأجزم أن داء الحماقة بات مقلقاً وسريع الانتشار في ميدان الإعلام.. ولم يمنع الحماقة بمفهومها الواسع من أن تصدّر تافهين قد انكفؤوا على جبلتهم ليبثوا فكراً ومعلومات في كثير منها مخجلة، ناهيك عن الكذب الذي يغلفها والإحباط الضار المصاحب لها!
هنا أسأل بكثير من الواقعية.. عن بعض مدعي الفهم سواء في السياسة والاقتصاد والرياضة.. لماذا يصرون على أن يكونوا حمقى رغم أن الحقائق أمامهم.. تجدهم مصرّين مستمرين على مواقفهم خلال أي لقاء تلفزيوني.. وحين كل كتابة!
في الأحداث السياسية الأخيرة وعبر بعض القنوات التلفزيونية في الشمال العربي هناك من يكذب ويتم إظهار الحقائق له.. لكنه يصر أن يكذب.. وتأملوا ما يتم تداوله عن أحداث سوريا الأخيرة لتعلموا أنهم بلغوا درجة الأحمق الأكبر، وفي الشأن الاقتصادي.. هناك من يريد أن يصوّر الأمور كما يريد حتى لو خالف الحقيقة والمكشوف والملموس فعلاً.. هناك من يرى أن أموال العرب تذهب إلى غير العرب.. وكأنه شريك فيها، ومن فرط "سعة الوجه" والكذب يرمي بأرقام تتجاوز حد استيعاب العقل.. وكأنه وبلاده حين رخائهم قبل أقل من قرن كانوا يشاركوننا فاكهتهم ورخاءهم.. وفق حماقة منعته حتى من أخذ المعلومة من مصدرها!.
مع أولئك لن أبحث في السبب والمسببات لأنها معروفة من الجميع.. لكن يبدو أن الأمر يظهر بكل تجلٍّ حين العودة إلى مفهوم الحقد المنبعث من حماقة، تجد الفرد منهم يحمل أكثر من شخصية، لتقتنع أنه ثرثار أفّاك وهو متضعضع الكلمات ضعيف الحجة غير قادر على الإقناع، والأهم أنه يترك خلفه ما يناقض أقواله.. وأحدهم كما عطوان مثلاً، فهو من كثرة الأمور التي تحدّث عنها وفصل فيها وكذب فيها.. تخونه الذاكرة حين الحوارات التلفزيونية المباشرة ويسقط في فخ التناقض وعدم القدرة على إنكار أقواله ومواقفه السابقة.
ليقع السؤال الدائم الترديد "ما بال تلك الأمور أعلاه لا تزعج؟" والجواب لأن أصحابها من التافهين، ولا أخفي سراً أنهم أصبحوا أدوات سخرية وإضحاك لكثيرين.. ولكي أكون منصفاً فالأمر هنا يشبه التعصب الرياضي والكذب المبالغ فيه عالمياً وعربياً، ولن أتجنّى إذا قلت محلياً أيضاً.. فخلاله قد بلغ البعض شأناً من الحمق أصبح يرتقي لما لدى بلدان عربية لها التعصب نفسه.
فهناك في المجال التنافسي الكروي مازال البعض على فكره المنغلق وكأن التنافس تنابز والمنافس عدو، والتلاقي ظلم.. والنقد فقط لإبراز المثالب والعيوب، بل للصيد في الماء العكر.. في هذا التعصب لدى البعض من عناصر الحمق ما لا يملكه أحد غيرهم، تفسير للكلمات التي لا تحتاج إلى تفسير، وكشف للنوايا المستترة المغيبة، وتخمين مستقبلي لا يقوى عليه أي ساحر، ولتتبينوا ذلك اقرؤوا واسمعوا ما يدور الآن عن موضوع السوبر السعودي واعتذار الهلال عن المشاركة فيه، لتعلموا أي حماقة بلغها البعض في التفسير والتحليل.