أمينة خيري
لو كنت من جامعة الدول العربية، لاتخذت من قضية الطائفية أولوية للطرح والمناقشة، والتحليل والعلاج، في الفترة المقبلة، وذلك بدءاً من اليوم. ما زالت الجامعة هي الكيان العربي الأكبر والأشمل والأجدر لعلاج هذا الطاعون الضارب في الفكر والتكوين.
ما تشهده دول عربية، وغير عربية، عدة، في منطقتنا اليوم، من صراعات وتحولات، ما تلبث أن ينعدل حالها، حتى تعود فيزداد اعوجاجها، وتتفاقم تقيّحاتها، لا يمكن فهمه بعيداً عن فخ الطائفية، سواء بمعناها المباشر، أو باستخداماتها الحديثة، كأداة للحكم أو الهيمنة أو تحقيق المصالح. ويظل الضحية الأولى هي الشعوب، والمتضرر الأكبر، التنمية والتقدم واللحاق بما فات.
نمط التحريض الطائفي، وكذلك السكوت على التحريض الطائفي، سواء بحسن نية، حيث حماية المعتقد، أو بسوئها، حيث تحقيق المصالح، يؤدي إلى خراب..
يجدر بجامعة الدول العربية، باعتبارها الجهة الحاضنة لكل العرب، أن تبحث في ما أصاب المنطقة من تجذر للعامل الطائفي، وسطوته على كل ما عداه من عوامل، مثل اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمستقبل المشترك. ويجدر بها عدم الاكتفاء بالبحث في ما جرى، ولكن الخروج بخطة عمل قابلة للتنفيذ، تحظى بدعم ومساندة الدول الأعضاء.
مضى زمن الحلول المسكّنة، والترضيات المؤقتة، والتستيفات التي تضمن البقاء على قيد، أو بالأحرى، حافة الحياة. لم تعد أوضاع المنطقة تحتمل مثل هذه الحلول ذات تاريخ الصلاحية المحدد بمدة زمنية، وإن طالت.
كثيرون درسوا وكتبوا ورصدوا ما فعلته وتفعله الطائفية بالمنطقة العربية، وكثيرون يعرفون أن السبيل الوحيد للدولة الحديثة، يمر عبر المجتمع الذي تتحدد معالمه عبر طبقات اجتماعية واقتصادية.
وفي حال تبنت جامعة الدول العربية فكرة مراجعة وتطهير الفكر الطائفي، فإن المراجعة والتحديث، يجب أن يشملا كل المنطقة، لا الدول الواقعة فعلياً أمام أعيننا صريعة لغلبة الفكر الطائفي المقيت.