فيصل الشامسي
في عالم يواجه تحولات هيكلية متسارعة وتحديات عابرة للحدود جاءت الجولة الخارجية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لتؤكد أن الإمارات لا تكتفي بقراءة المشهد الدولي، بل تسعى إلى صياغة أدوار فاعلة، لضمان مصالحها الوطنية.
وتعزيز الاستقرار والتنمية، هذه الجولة ليست مجرد زيارات بروتوكولية، بل تحرك استراتيجي مدروس يعكس رؤية ثاقبة حكيمة، ونموذجاً دبلوماسياً متجدداً.
تواصل دولة الإمارات تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، نهجها الثابت في تنويع الشراكات، وبناء تحالفات متوازنة مع مختلف القوى الإقليمية والدولية.
فقد نجحت خلال الأعوام الأخيرة في إبرام اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة «CEPA» مع دول عدة، ما أسهم في زيادة حجم التبادل التجاري غير النفطي إلى مستويات قياسية.
هذه الشراكات لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل تمتد لتشمل مجالات حيوية مثل الطاقة المتجددة، الأمن الغذائي، والابتكار، ما جعل من الإمارات شريكاً موثوقاً في صناعة السلام والتنمية المستدامة.
جاءت جولة سموه لترسيخ اتفاقيات قائمة وفتح مسارات تعاون جديدة في مجالات تمثل ركائز استراتيجية لرؤية الإمارات 2031، وصولاً لرؤيتها 2071، ومنها: الاقتصاد الأخضر، التكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي.
، فخلال الزيارات الأخيرة تم توقيع مذكرات تفاهم، تهدف إلى استقطاب استثمارات نوعية، في قطاعات المستقبل، فضلاً عن اتفاقيات استراتيجية في مجال الطاقة النظيفة والبنية التحتية الذكية، وغيرها من المجالات الحيوية.
حيث استقطبت الإمارات استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 23 مليار دولار في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة في العام الماضي. هذه التحركات الحكيمة تهدف إلى تمكين الشباب الإماراتي، وتوفير منظومة اقتصادية معرفية، تستقطب الكفاءات، وتدخل أحدث التقنيات العالمية إلى الدولة، ما يعزز من تنافسيتها على الصعيد العالمي.
تؤمن دولة الإمارات بأن الأمن والاستقرار شرطان أساسيان لتحقيق التنمية، وأن مواجهة الأزمات تتطلب التعاون متعدد الأطراف بدلاً من السياسات الأحادية، ومن هنا تحرص على تعزيز قنوات الحوار، وبناء الثقة مع الشركاء الإقليميين والدوليين، وحشد الدعم للمبادرات السلمية والإغاثية، وتحرص على تعزيز قنوات الحوار وبناء الثقة مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
وخلال الأعوام الماضية لعبت دولة الإمارات أدوار وساطة فاعلة في ملفات إقليمية معقدة، حيث لعبت دولة الإمارات دوراً محورياً في الوساطة بين إثيوبيا وإريتريا، وتسهيل تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، كما أسهمت في تخفيف التوترات عبر مبادرات إنسانية وتنموية، من خلال إطلاق مبادرة الجسر الجوي الإغاثي لإيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة من الكوارث الطبيعية أو الأزمات الإنسانية.
هذا البُعد الحضاري، الذي يعكس قيم التسامح والتعايش، يضيف إلى علاقاتها الاستراتيجية عمقاً إنسانياً، ويعزز صورتها دولة محورية في دعم الاستقرار، وبناء جسور التفاهم الحضاري، حيث إن القوة الناعمة الإماراتية لم تعد مجرد شعار، بل هي أداة فاعلة في السياسة الخارجية.
من شأن هذه الجولة أن تفتح فرصاً ملموسة للاقتصاد الوطني عبر زيادة حجم التبادل التجاري، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة «FDI»، فعلى سبيل المثال شهدت جولات سابقة ارتفاعاً ملحوظاً في حجم الاستثمارات المتبادلة، ما أتاح للشركات الإماراتية فرصة التوسع عالمياً.
ورفع تنافسية القطاعات الاستراتيجية داخلياً، هذه التحركات الدبلوماسية تُترجم مباشرة إلى مكاسب اقتصادية مستدامة، تعزز من مكانة الإمارات مركزاً تجارياً ومالياً عالمياً.
تجسد الجولة الخارجية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، ملامح «الدبلوماسية الإماراتية المتجددة»، التي تجمع بين الحكمة السياسية، والتنمية الاقتصادية، والقيم الإنسانية.
إنها ليست مجرد تحركات عابرة، بل هي استثمار في المستقبل، يعزز مكانة الإمارات لاعباً رئيسياً وشريكاً موثوقاً في إحلال السلم والأمن العالميين، وصناعة فرص تنموية لشعوب المنطقة والعالم، ويضع الدولة على مسار أكثر تقدماً نحو تحقيق رؤيتها الحكيمة والطموحة.