أمينة خيري
هي القوة العظمى الراكضة نحونا بثقة وسرعة، ودون أن تسألنا عن رأينا أو موقفنا أو مدى استعدادنا ! التكنولوجيا والتقنيات الرقمية، والذكاء الاصطناعي في القلب منها، لم تعد مجرد تساؤلات حول تخصصات الدراسة، أو التغيرات في سوق العمل، أو التعديلات في مفاهيم السكن والصحة والخدمات.
هذا السباق المحموم بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، يصنفه البعض حرباً باردة، ويخشى آخرون أن يكون حرباً عالمية ثالثة، ولكن بمقاييس ومواصفات العصر الرقمي.
تحول الذكاء الاصطناعي إلى قوة عظمى مستقلة فكرة ما زالت في مراحلها الأولى، تتأرجح بين الحقائق العلمية والخيال العلمي، وهي الفكرة التي سنتركها جانباً في الوقت الراهن، وإن وجبت الإشارة إلى أن ما يبدو اليوم خيالاً علمياً، قد يصبح غداً واقعاً يفرض نفسه.
وبينما أمريكا والصين تتنافسان تنافساً مكتوماً يعبر عن نفسه تارة بإنفاق الصين مليارات على الذكاء الاصطناعي لتسد الفجوة التي تفصلها عن أمريكا، لا سيما في تطوير كفاءة النماذج والبرمجيات والتعاون بين الحكومة وشركات التكنولوجيا.
إنه الواقع الذي يحتاج إلى قدر مذهل من المعرفة والاستعداد والتعاون بين الدول والشعوب، لا سيما أن الفجوة الرقمية والتنموية التي أشار إليها المهندس ماجد سلطان المسمار، مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية «تدرا» بالإمارات، في كلمته أمام «القمة العالمية لمجتمع المعلومات» في جنيف قبل أيام، تعني أن 2.2 مليار إنسان في العالم ما زالوا خارج التغطية الرقمية، ما يمثل تحدياً خطيراً للجميع بمن في ذلك الـ 74% من سكان العالم المتصلين بالإنترنت.
مثل هذه الفجوات تعمق عدم المساواة وتفاقم الفقر وتحد من فرص التعلم، وتضاعف الجرائم السيبرانية وغير السيبرانية، وتوفر بيئة مواتية للأخبار والمعلومات المضللة والكاذبة، وتفاقم انحيازيات الخوارزميات التي تعتمد على بنية معلوماتية لا تشمل الجميع.
وعلى الرغم من خطورة الحرب الدائرة بين الصين وأمريكا حول السيادة على الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك مشكلات أخرى كثيرة تستحق الانتباه والتعاون من أجل مواجهتها.
القمة العالمية لمجتمع المعلومات فتحت ملف إدارة الإنترنت متمثلاً في سؤال: «من يتحكم في الإنترنت؟ ومن يديره؟»، اتفقت الدول على أن الإنترنت لا ينبغي أن يخضع لهيمنة دولة أو شركة أو كيان واحد.

