: آخر تحديث

تطوّر نموذج الداعية

3
2
3

هل تراجع نموذج الداعية التقليدي اليوم في زمن الإعلام المتطور ووسائل التواصل المتنوعة والمتحددة؟

لا ننكر ان النموذج القديم للداعية بُني فوق الأسئلة. لكن الإنسان المعاصر اليوم لم يعد يصدّق هذه الصورة، كما كان الحال عليه قبل عشرات السنوات، لأنه أصبح اليوم يلمس الواقع بشكل أقرب، وهو يعيش القلق، ويعرف أن من لا يخطئ لا يُشبهه.

الجمهور اليوم لا يريد وصاية، ولا يحتاج خطاباً دينياً يختصر التعقيد الإنساني في اعمل ولا تعمل.. في أوامر ونواهٍ.

جمهور اليوم يريد من يقول له: الطريق صعب، والتعثّر وارد، والإنسان لا يُقاس بلحظة ضعف واحدة.

الناس اليوم يتفاعلون مع أي خطاب ديني، يعترف بضعف الانسان، ويصغون لمن يفهم ويُقَدّر، لا لمن يحاكم ويتوعّد بالويل والثبور.

في زمن الشاشة ووسائل التواصل، تغيّرت معادلة التأثير جذرياً، فلم يعد الوعظ فعلاً مقدساً خارج النقاش، ولم يعد الداعية صورة محصّنة من المساءلة.

الكلمة اليوم لم تعد ممنوعة من التحليل والتمحيص، بل تُقتطع، وتُفحص، وتُقارَن بالفعل خلال ثوانٍ، فكل الوسائل متاحة وسهلة وبسيطة وسريعة، ومن لا يحتمل هذا الاختبار، لا يخسر هيبته فقط، بل يخسر جمهوره.

من يملك المنبر اليوم؟ هل هو المؤثر في زمن الشاشة ووسائل التواصل الاجتماعي، أم من يملك المصداقية؟

الإعلام والسوشيال ميديا قادران اليوم على كشف هشاشة بعض الخطابات الدينية، خصوصاً حين تكون منفصلة عن الواقع.

والهيبة اليوم لم تعد تُستمد من الصوت العالي، ولا من لغة الوعيد، بل من الانسجام والاتساق بين القول والفعل.

اليوم وفي ظل كل هذه التطورات والتغيرات والقفزات في المؤثرات علينا وحولنا من وسائل إعلام واتصال، فإن موضوع تعريف الداعية يتطلب إعادة نظر، لأن الموضوع لم يعد خياراً، بل ضرورة فرضها واقع لا يقبل الوصاية، ولا يحتمل الادّعاء.

أسلوب وخطاب الداعية لابد أن يكونا مغلفين بمغلف إنساني صادق، يصمد أمام الشاشة ويبقى حاضراً شكلياً، ولا يغيب تأثيره أبداً.

العصرنة مطلوبة اليوم في كل المجالات، والخطاب الديني أحدها، لأن أسلوب لفت النظر والنهي والإقناع اليوم، لم يعد بالأسلوب واللغة ذاتهما، كما كان عليه الحال في الأمس البعيد.


إقبال الأحمد


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد