سبق أن كتب الزميل عبدالغني سلامة، وهو كاتب وباحث فلسطيني، مقالاً عام 2021 عن مسيحيي الشرق، وعلقت عليه قبل سنتين تقريبا، وكان مضمون مقال سلامة يتعلق بجهل الكثيرين، وأنا منهم، بحقيقة الانتماءات الدينية للكثير من مشاهير العرب، وربما كان السبب تسمياتهم التي لا تدل على أنهم مسيحيون، مثل عفيف صافية، مها نصار، نايف حواتمة، كمال ناصر، وديع حداد، حنان عشراوي، يعقوب زيادين، جول جمال، سلام هيلانة، نبيل أبوردينة، زهدي الترزي، حنان إمسيح، نعيم خضر، كريم خلف، ناجي علوش، محجوب عمر، سمير غطاس، خليل سكاكيني، إيليا أبوماضي، توفيق طوبي، أمين الريحاني، أنيس الصايغ، صبري جريس، سمير قصير، مي زيادة، حنا مينة، نجيب عازوري، إلياس شوفاني، ناصيف اليازجي، عزمي بشارة، غالب هلسا، نزيه أبونضال، فخري قعوار، يوسف بيدس، منيب يونان، متري الراهب، الرحابنة، وديع الصافي، ماجدة الرومي، صباح، سميرة توفيق، ريم تلحمي، ريم البنا، يوسف شاهين، نجيب الريحاني، هاني رمزي، هالة صدقي، إليسا، نجوى كرم، وائل كفوري، نانسي عجرم، نوال الزغبي، ملحم بركات، ديانا حداد، إلياس كرم، سلوم حداد، عابد فهد، باسم ياخور، قصي الخولي، عبير عيسى، جميل عواد، جولييت عواد، نبيل المشيني، أسامة المشيني، رائد أنضوني، جورج بهجوري، سليمان منصور، هذا غير الذين لا يمكن أن تخطئ العين حقيقة مسيحيتهم، من قادة ومناضلين، ومفكرين، وشعراء، وإعلاميين، وأدباء وفنانين، واقتصاديين، ورواد نهضة القومية العربية، ممن أغنوا الأدب، والشعر، والرواية، والمسرح، والسينما، والغناء، والتمثيل، والرسم والرياضة والأزياء، والسياسة بإبداعاتهم.
يقول سلامة إن ما دفعه للكتابة عن المسيحيين، ليس فقط الشعور العدائي غير المبرر تجاهم، بل ما أصبحنا نلمسه من استنزاف نتيجة هجرة هؤلاء للغرب، حتى صار واضحاً أن جهات عدة تعمل بشكل ممنهج ومنظم على تفريغ أغلب دولنا العربية من التواجد المسيحي، لذا نجد بوضوح أن من هاجر من هذه الدولة له عذره، بعد أن عُومل كمواطن من درجة أدنى، وحتى بالشك في ولائه، وحرمانه من تولي مناصب عدة. هذا الانخفاض أو الاستنزاف المستمر في أعدادهم بيننا كان وسيكون له حتماً آثار سلبية عدة، فهم ليسوا بحاجة إلى التسامح، فوطنيتهم لا تقل عن غيرهم، ولا يقل حقهم في هذه الأرض عن حق غيرهم، إن لم يكن أكثر، وهم بحاجة لمن يتعامل معهم بما يستحقونه من تقدير واحترام.
رحيل المسيحيين يدمي القلب، ورحيل خيرة المسلمين وهجرتهم المستمرة أيضاً يدميان القلب، وهذا الذي دعاني، قبل 8 سنوات لكتابة مقالي «اخرجوا أيها المسيحيون من أوطاننا»، والذي اعتبره الكثيرون أشهر مقال عربي، ونال أكبر عدد من القراء، لذا نكرر مع سلامة النداء: يا مسيحيونا، لا تغادرونا، فنحن بحاجة إليكم، أكثر من حاجتكم إلينا، وأنتم في غنى عن كليشيهات «التسامح»، فوجودكم بيننا وجود أصيل، فالمسيحية ولدت ونشأت في دولنا، وبالتالي أنتم لستم ضيوفاً ولا طارئين، بل من تربة هذه الأرض، ويفترض أن لكم الحقوق نفسها التي لغيركم.
أحمد الصراف

