: آخر تحديث

«كتالوج».. ذروة الإبداع

4
7
6

النجاح درجات، والتميز أيضاً درجات، فلا يمكن أن تتساوى كل الأعمال الفنية في خانة النجاح لمجرد أنها أعجبت الجمهور، هناك مسلسل يرتقي إلى مستوى الإبداع وتكتشف أنك تزداد إعجاباً وتعلقاً به كلما شاهدت حلقة منه، وآخر تستمتع به دون أن تفارقك كلمة «ولكن».. وسط كل المسلسلات الجديدة التي لا نمل من مشاهدتها، يرتفع مسلسل «كتالوج» إلى مستوى الإتقان والإبداع والتميز والدهشة أيضاً.

«كتالوج» حقق في ثماني حلقات معادلة صعبة، حاك قصة اجتماعية إنسانية بخيوط السهل الممتنع، أتقن مؤلفه أيمن وتار وبمشاركة واضحة في تفاصيل القصة والنص لمخرجه وليد الحلفاوي، تقديم الدراما التي تلمس القلب والمشاعر وتمسح دموعنا بضحكات ومواقف كوميدية تلطّف الأجواء وتربت على الأوجاع.

البطولة في هذا المسلسل جماعية، المؤلف بطل، والمخرج بطل، وكل من شارك في هذا العمل وحتى من مرّ في مشهد واحد بطل.. محمد فرّاج، ريهام عبدالغفور، سماح أنور، خالد كمال، بيومي فؤاد، علي البيلي، ريتال عبدالعزيز، أحمد عصام السيد، دنيا سامي، صدقي صخر، حنان مطاوع.. ما من لقطة أو مشهد أو موقف أو جملة مرّ دون بصمة ونكهة ودرس وجمال يشبع الروح ويرتقي بالفن ورسائله الإنسانية والاجتماعية والثقافية إلى حيث يستحق أن يكون.

وليد الحلفاوي قدّم في «كتالوج» تحية إلى والده الفنان الكبير الراحل نبيل الحلفاوي، رسالته لوالده وتقديره وحبه وعرفانه له وصلت إلينا منذ البداية وقرأناها بين سطور الحكاية، ومن خلال الشخصيات والمواقف، «القبطان» لقب حمله نبيل الحلفاوي وحمّله المخرج لشخصية جورج (بيومي فؤاد) الرجل الذي اختار العزلة منذ رحيل زوجته، واختيار نادي الأهلي هي تحية أيضاً لمن كان من أكبر عشاق ومشجعي هذا النادي وكرة القدم «الحلفاوي الكبير».

نجح المؤلف والمخرج في تقديم أجمل هدية من الأبناء إلى الآباء والأمهات الراحلين، وكأنهما جمعا عصارة تجارب المقرّبين وتجاربهما الشخصية في هذا العمل الإنساني المفعم بالمشاعر، حكايات تحكي ما يعانيه الإنسان بعد فقدان الأم أو الأب أو الزوجة، ونادراً ما نعيش في الدراما العربية تجارب الرجال بعد فقدان الزوجة وصعوبة التعامل مع الأبناء وحقيقة ما يمر به الكبار والصغار من مشاكل نفسية يصعب الإفصاح عنها.

بلغت الدقة في تناول تفاصيل الحياة الواقعية أن يقدم «كتالوج» مشهداً ربما لم نره في أي من مسلسلاتنا العربية، وهو مشهد شديد الحساسية لحظة إبلاغ كريمة (ريتال عبدالعزيز) والدها يوسف (محمد فرّاج) مواجهة «الدورة الشهرية» لأول مرة، موقف لا يعرف كيف يتصرف فيه والدها ولا عمها (خالد كمال) ولا خالها (أحمد عصام السيد) ولا شقيقها الصغير طبعاً (علي البيلي)، فهي الفتاة الوحيدة وسط مجموعة ذكور.

المسلسل غني، دسم، يستحق المشاهدة أكثر من مرة، والحديث عنه أيضاً أكثر من مرة، رغم أن حلقاته لم تتجاوز الثماني، لكنها أوجزت فأوفت وبلغت ذروة الإبداع.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد