إيلاف من لندن: أصدرت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني وثيقة موسّعة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حملت نبرة نقدية غير معتادة للسياسة الرسمية المتبعة، ودعت إلى اتخاذ خطوات عاجلة تشمل اعترافًا فوريًا بدولة فلسطين، وتوسيع العقوبات على المستوطنات، وفتح معابر غزة دون قيد.
دعوة للتحرك
وأكدت اللجنة أن تصرفات المملكة المتحدة حيال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بما في ذلك السنوات التي سبقته، كانت "في كثير من الأحيان قليلة ومتأخرة". وأوصت بأن "على الحكومة البريطانية أن تتعامل بجدية مع تأثيرها على الولايات المتحدة لإنهاء الصراع"، مشددة على ضرورة تحرك لندن بشكل أكثر استقلالًا وجرأة.
المستوطنات
دعت اللجنة الحكومة البريطانية إلى "تبني موقف أكثر صرامة تجاه المستوطنات"، والبدء في "برنامج شامل لجمع الأدلة" المرتبطة بالانتهاكات الميدانية. وأكد التقرير أن ذلك يجب أن يشمل كلاً من الأطراف.
إسرائيل لا تصغي
ذكر التقرير أن الحكومة الإسرائيلية "لم تُعر اهتمامًا لبريطانيا أو لحلفائها، باستثناء الولايات المتحدة"، مشددًا على أن "على حكومة المملكة المتحدة اعتماد نهج مختلف وأكثر تأثيرًا".
فتح المعابر
أكدت اللجنة أن "إسرائيل يجب أن تفتح جميع المعابر دون قيود أمام الغذاء، والدواء، ومواد الإيواء، وسائر المساعدات إلى غزة"، وأوصت بتفكيك "مؤسسة غزة الإنسانية" الحالية، واستبدالها بآلية يقودها نظام تابع للأمم المتحدة.
إجلاء للأطفال
من بين التوصيات غير المسبوقة، دعت اللجنة الحكومة البريطانية إلى "دعم إجلاء طبي للأطفال المصابين بجروح حرجة من غزة إلى المملكة المتحدة لتلقي العلاج"، في خطوة إنسانية لافتة.
عقوبات على المستوطنين
أوصى التقرير بالحفاظ على العقوبات المفروضة ضد المستوطنين العنيفين، وتوسيعها لتشمل "جميع الشركات التي تعمل في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية"، مع "تطبيق فوري لحظر شامل على استيراد السلع المنتجة في تلك المستوطنات".
العدل الدولية
طالبت اللجنة الحكومة بأن توضح، ضمن ردها على التقرير، "ما الإجراءات الملموسة التي تتخذها استنادًا إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية قبل أكثر من عام" بشأن شرعية ممارسات إسرائيل في الأراضي المحتلة.
مكونات الـ F-35
طلبت اللجنة من الحكومة شرح "كيف يتماشى السماح بتصدير مكونات طائرات F-35 إلى سلسلة التوريد العالمية مع التزامات بريطانيا بموجب القانون الإنساني الدولي"، في إشارة إلى دور غير مباشر في تزويد إسرائيل بمعدات عسكرية متقدمة.
مشروع توثيق
أوصى التقرير بتأسيس مشروع حكومي بريطاني لـ "حفظ وتسجيل الأدلة على الجانبين المتنازعين"، بهدف توثيق الانتهاكات التي تحدث أثناء النزاع، وتهيئة الأرضية لمحاسبة قانونية مستقبلية.
الاعتراف بفلسطين
دعت اللجنة، وبأغلبية أعضائها، الحكومة إلى "الاعتراف بدولة فلسطين ما دامت لا تزال هناك دولة يمكن الاعتراف بها". ورغم وجود انقسام في الرأي داخل اللجنة، فقد تم تبني التوصية كجزء من التقرير النهائي.
وأكدت اللجنة أن بريطانيا، إلى جانب فرنسا – بوصفهما طرفين في اتفاقية سايكس-بيكو عام 1916 – "تمتلكان مسؤولية تاريخية مشتركة، يجب أن تُترجم إلى خطوات سياسية واضحة" تدعم حل الدولتين.
النائبة العمالية إميلي ثورنبري، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، خلال جلسة سابقة في البرلمان بلندن
وقالت النائبة العمالية إميلي ثورنبري، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية، في تصريح ورد في التقرير:
"يجب على الحكومة البريطانية أن تبذل كل ما في وسعها للمساعدة في تأمين وقف إطلاق النار، واستعادة الرهائن، وتقديم المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة".
وأضافت:
"لا يمكن لأي شخص يشاهد صور معاناة الفلسطينيين، أو يسمع شهادات أسر الرهائن الإسرائيليين، أن يبقى غير متأثر. هناك إحباط واسع لدى البريطانيين من كون الحكومة تتصرف دائمًا بعد فوات الأوان".
وصرّحت أيضًا:
"نحن نملك خبرة في بناء السلام في أيرلندا الشمالية – صراع ظُن أنه لا يمكن حله. ولدينا تاريخ عميق في الشرق الأوسط. من واجبنا استخدام هذا الموقع الفريد للمساهمة في السلام".
وختمت بالقول:
"يرى غالبية أعضاء اللجنة أن على الحكومة البريطانية الاعتراف بدولة فلسطين فورًا، كإشارة على جدّية التحرك نحو حل الدولتين بالتعاون مع الحلفاء".
وأشار النائب المحافظ السير جون ويتنغديل، الذي شغل منصب وزير الثقافة والإعلام والرياضة والفنون في حكومة المحافظين السابقة، إلى تحفظه بشأن توقيت الاعتراف، موضحًا:
"أمضينا تسعة أشهر في جمع الشهادات حول الصراع. رغم إيماني بأهمية التوصيات كوسيلة لدفع عملية السلام، إلا أنني لا أعتقد أن الاعتراف الفوري بدولة فلسطين سيُسهم في ذلك حاليًا"