إيلاف من الرباط: اختار رجل مغربي يُدعى "بوعبيد" (45 سنة) تنفيذ اعتصام غير مسبوق فوق خزان مياه مرتفع (علوه أكثر من 10 أمتار) بالجماعة القروية أولاد يوسف، التابعة لمحافظة بني ملال (وسط البلاد)، للمطالبة بفتح تحقيق في وفاة والده داخل السجن، وهي الوفاة التي شكك في ظروفها واعتبرها "غامضة"، مطالباً بإخضاع الجثة لتشريح طبي يكشف الأسباب الحقيقية.
غير أن الشكل الاحتجاجي الذي باشره سرعان ما خرج عن السيطرة، وانتهى بمحاولة انتحار مأساوية، نُقل على إثرها إلى المستشفى في حالة حرجة.
ووفق مصادر محلية، فإن المعني بالأمر دخل في حالة توتر نفسي وغضب شديد، بعدما قوبلت مطالبه برفض فتح تحقيق رسمي في ظروف وفاة والده، الذي كان معتقلاً وتوفي في ظروف غير واضحة من وجهة نظره.
وفي خطوة تصعيدية منه، صعد إلى خزان مياه بالمنطقة، متمسكا بإجراء تشريح طبي للجثة، لتحديد ما إذا كانت وفاة والده طبيعية أم ناتجة عن إهمال أو فعل جنائي محتمل.
ودام اعتصامه لأكثر من أسبوعين، رغم محاولات عديدة لثنيه عن موقفه، سواء من طرف السلطات المحلية أو أقاربه أو ممثلي اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، إذ أصر "بوعبيد" على مواصلة الاعتصام، ورفض جميع المقترحات التي عرضت عليه، بما في ذلك مواكبة مطلبه بالطرق القانونية المعمول بها.
ومساء الجمعة، اتخذ الوضع منحى ٱخر، بعدما أوهم "بوعبيد" عناصر الوقاية المدنية، التي كانت تطوق المكان، بأنه تعرض لوعكة صحية، حينها صعد عنصران لاسعافه ومساعدته على النزول وبالتالي فك الاعتصام.
وبينما هما على مشارف الوصول إليه، باغثهما بالهجوم والضرب بٱلة حادة، واحتجز أحدهما، واعتدى عليه، ثم دفعه من أعلى الخزان، ما تسبب له في كسور خطيرة استدعت خضوعه لتدخل جراحي عاجل.
وبعد هذا التطور الخطير، تدخلت عناصر الدرك الملكي لمحاولة إنهاء الاعتصام، غير أن الأخير أبدى مقاومة عنيفة، مستخدماً آلة حادة وحجارة، مما عقد عملية التدخل. رغم محاولة تطويق المكان وتأمينه، كما تم وضع فراش مطاطي أسفل الخزان لتخفيف آثار أي سقوط محتمل.
وفي لحظة مأساوية، ربط "بوعبيد" عنقه بحبل وهو يقاوم رجال الدرك الملكي، وبينما رجع إلى الوراء سقط من أعلى الخزان والحبل حول عنقه، وبعد تقطيع الحبل سقط فوق الفراش الواقي، ونقل إلى المستشفى الجهوي ببني ملال، حيث يرقد بقسم العناية المركزة تحت مراقبة طبية دقيقة.
ومتابعة منها للحادث، أفادت السلطات المحلية أن النيابة العامة المختصة أمرت بفتح تحقيق قضائي في هذه الواقعة، للكشف عن كافة الملابسات المرتبطة بها، وتحديد المسؤوليات المحتملة.