إيلاف من الرباط: أثار تقديم شركة الصناعات الدفاعية العملاقة "لوكهيد مارتن"، إلى جانب الإدارة الأميركية، تهنئة رسمية للمغرب بمناسبة الذكرى السبعين لعيد الاستقلال، اهتماما مثيرا لدى المتابعين المغاربة، بالنظر إلى رمزية الشركة وما تحمله تهنئتها من رسائل سياسية وأمنية واقتصادية.
وجاءت التهنئة عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية، بالتوازي مع منشور لـ"لوكهيد مارتن" على منصة "X" تُشيد فيه بالمغرب، قيادة وشعبا، وتعبّر عن متمنياتها له بمزيد من الازدهار.
هذه الخطوة اعتُبرت تأكيدا جديدا على عمق الشراكة بين الرباط وواشنطن، ولا سيما في مجال الدفاع، حيث تُعد الشركة الأميركية أحد أبرز مزودي القوات المسلحة الملكية المغربية بعدد من المنظومات المتطورة، على رأسها مقاتلات F-16 Viper، ومنظومة Patriot للدفاع الجوي، إضافة إلى معدات أخرى قيد التفاوض.
تفاعل مغربي بين الفخر والدعابة
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تفاعل المغاربة مع التهنئة بأسلوب يمزج بين الفخر والدعابة والدبلوماسية الناعمة، إذ علق العديد من نشطاء “X” و"فيسبوك" أن "أفضل تهنئة" تقدمها الولايات المتحدة ليست الكلمات، بل الإسراع في تفعيل صفقة المقاتلة الشبحية F-35، التي يطمح المغرب إلى الانضمام إلى قائمة مستعمليها مستقبلا.
وكتب أحد النشطاء "شكرا على التهنئة… لكن الأسرع في صفقة F-35 سيكون أجمل!".
بينما قال آخر إن "تهنئة لوكهيد مارتن مفهومة… نريدها تهنئة بطعم طائرة شبحية".
ورأى آخرون أن صدور التهنئة من شركة بهذا الحجم "يعكس موقع المغرب الجديد" في منظومة الشراكات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، مؤكدين أن الرباط "لم تعد مجرد زبون، بل أصبحت شريكا في بناء الأمن الإقليمي".
تعليقات جزائرية ساخرة وردود مغربية مضادة
في المقابل، تداول مؤثرون جزائريون منشورات تهكمية، اعتبرت أن حديث المغاربة عن F-35 مجرد "أحلام"، وحاول آخرون التقليل من أهمية التهنئة ومن مستوى العلاقات الدفاعية بين الرباط وواشنطن.
لكن هذه التعليقات قوبلت بردود مغربية تشير إلى أن العلاقات المغربية-الأميركية "متينة وعميقة"، تمتد عبر التعاون العسكري، والمناورات المشتركة مثل "الاسد الأفريقي"، والاستثمارات الصناعية المتنامية. واعتبر الكثيرون أن هذا النوع من التهكم "يعكس غيرة جيوسياسية أكثر مما يعكس قراءة واقعية للمعطيات".
رسائل تتجاوز الطابع البروتوكولي
وتُجمع أغلب التعليقات على أن التهنئة الأميركية، سواء عبر القنوات الرسمية أو من خلال "لوكهيد مارتن"، تحمل أبعادا تتجاوز المجاملة الدبلوماسية، وتندرج ضمن سياق تثبيت المغرب كحليف موثوق في منطقة تعرف اهتزازات متعددة، وكوجهة رئيسية للصناعات الدفاعية الأميركية . كما تؤشر إلى تموضع المغرب داخل التوازنات الجديدة بمنطقة غرب المتوسط والساحل.
وإذا كان الاحتفاء الشعبي المغربي بالتفاعل الأميركي قد اتخذ طابعا ساخرا في بعض الأحيان، فإن الرسالة الاستراتيجية التي التقطها المتابعون تبقى واضحة، وهي أن "المغرب يعزز حضوره الدولي، وشراكته مع الولايات المتحدة تتطور بوتيرة تتجاوز التهاني، نحو آفاق صناعية ودفاعية أوسع".


