إيلاف من الرياض: انطلقت صباح اليوم أعمال المنتدى الاستثماري السوري السعودي في العاصمة السورية دمشق، بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع ووفد سعودي رفيع المستوى، على رأسه وزير الاستثمار خالد الفالح.
واحتضن قصر الشعب الحدث الذي وصفته الأوساط الرسمية بـ"التاريخي"، حيث أعلن الفالح في كلمته خلال المنتدى عن توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الجانبين، بقيمة إجمالية تبلغ نحو 24 مليار ريال سعودي، ما يعادل 6.4 مليار دولار أمريكي، في خطوة تمثل "نقلة نوعية" في العلاقات الاقتصادية الثنائية.

أحمد الشرع مستقبلاً وزير الاستثمار السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح.
قطاعات حيوية ومشاريع عملاقة
الصفقات التي تم الإعلان عنها تشمل مجالات متعددة وحيوية، من أبرزها الطاقة، والعقارات، والصناعة، والبنية التحتية، إضافة إلى الخدمات المالية، والصحة، والزراعة، والاتصالات، وتقنية المعلومات، والمقاولات، والتعليم. وضمن هذه الحزمة، سيتم توقيع اتفاقيات تتجاوز قيمتها 11 مليار ريال في قطاع البنية التحتية وحده، بينها مشروع إنشاء 3 مصانع جديدة للإسمنت.
وفي هذا السياق، كشفت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن إطلاق مشروع مصنع "فيحاء للإسمنت الأبيض" في مدينة عدرا الصناعية بريف دمشق، ضمن الاستثمارات الجديدة التي يُتوقع أن تساهم في دعم سوق الإنشاءات وإعادة الإعمار.

وزير الاستثمار السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح (يسار) أثناء استقباله في مطار دمشق الدولي، 23 يوليو 2025.
وفد سعودي غير مسبوق
الفالح، الذي وصل إلى دمشق يوم الأربعاء، ترأس وفدًا يضم أكثر من 150 ممثلًا عن القطاعين الحكومي والخاص، في زيارة تهدف إلى "بحث شراكات استثمارية" كما أوردت قناة "الإخبارية" السعودية. وأوضح في تغريدة نشرها عشية المنتدى عبر حسابه الرسمي في منصة "إكس" (تويتر سابقًا):
"بتوجيه قيادتنا الرشيدة، أيّدها الله، وصلت مع وفد رفيع المستوى إلى الجمهورية العربية السورية الشقيقة، لتعزيز العلاقات الثنائية واستكشاف الفرص الاستثمارية. ونعقد غدًا #المنتدى_الاستثماري_السوري_السعودي، تأكيدًا لشراكتنا الاستراتيجية وتمكينًا للشركات السعودية من التّوسع إقليميًا".
التزام سعودي
وزارة الاستثمار السعودية أعلنت في بيان رسمي أن الاستثمارات المعلنة، والبالغة 21 مليار ريال سعودي (نحو 5.6 مليارات دولار)، ستُضَخ في قطاعات استراتيجية تتضمن العقارات، والبنية التحتية، والاتصالات، والنقل، والخدمات اللوجستية، والصناعة، والسياحة، والطاقة، والتجارة، والرعاية الصحية، والموارد البشرية، والخدمات المالية، مؤكدة أن هذه المشاريع ستساهم مباشرة في "النمو السوري".

الشرع يستقبل رجال أعمال سعوديين بقصر الشعب، دمشق، 23 سبتمبر 2025 (الرئاسة السورية).
تصريحات سورية رسمية
في مؤتمر صحافي عقده تزامنًا مع انطلاق المنتدى، أكد وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى أن الفعالية تشهد "توقيع 44 اتفاقية مع المملكة العربية السعودية، بقيمة 6 مليارات دولار"، مشيرًا إلى أن المنتدى يمثل "فعالية اقتصادية هي الأولى من نوعها في سوريا" منذ أكثر من عقد.
غطاء سياسي ودبلوماسي
المنتدى يأتي في ظل تغطية سياسية واضحة من الرياض، حيث أكد مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، خلال اجتماعه الأسبوعي يوم الثلاثاء، على مواقف المملكة الثابتة والمساندة لسوريا وشعبها، وأدان الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، رافضًا التدخل في شؤونها الداخلية.
تسهيلات استثمارية مرتقبة
وفي بادرة تسهيلية تعكس الجدية، أعلنت السفارة السعودية في دمشق عن إتاحة تراخيص السفر لرجال الأعمال والمستثمرين من البلدين، بما يتيح تبادل الزيارات واستكشاف فرص الاستثمار، في مؤشر على مرحلة انفتاح جديدة بين الرياض ودمشق.
من الخارجية إلى الاقتصاد
المنتدى يُعد تتويجًا لمسار تقارب بدأ قبل أشهر، كان أبرز محطاته زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق في أيار (مايو) الماضي، حيث صرح آنذاك بأن "الرياض ستكون في مقدمة الدول التي تدعم إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي في سوريا".