كل يوم أو في كل لحظة، نقرأ ونسمع عن مبتكرات جديدة، أو دخول تقنيات حديثة. وعملية التطوير مستمرة في مختلف مفاصل حياتنا، وأثرها الإيجابي بالغ وكبير مع تنامي ابتكارات الذكاء الاصطناعي، الذي يظهر وكأنه يقود ثورة معلوماتية تقنية معرفية غير مسبوقة للبشرية، حتى بات في كل مجال يمس الحياة البشرية، موجوداً وله أثر، ويتوقع أن يتطور ويقود عمليات التصنيع، والابتكار، ومعالجة المشكلات، والصعوبات.
مجالات مثل الطب الجيني، والطاقة النظيفة، والسفر الفضائي، ونحوها، دخل الذكاء الاصطناعي فيها، وبدأت مخترعات ومبتكرات تظهر، ويتوقع أن تنمو هذه الحالة وتتطور وتتسع. ومع الفوائد العظيمة المتوقعة، بل التي نلاحظها، فإن المستقبل لا يمكن أن يتحقق بصورة براقة ومتكاملة، إلا إذا وضعت قيود أخلاقية وتشريعية، تعمل على إعادة التوازن بين القيم والكرامة الإنسانية. كل مخترعات ومبتكرات في جوهرها مفيدة وتسهم في رفاه الإنسانية، ولكن لا حدود لها، وهو ما يمكن معه تجاوز الفوائد وتحقيق المصالح، لتصبح أدوات تدمير، دخلت من باب التطوير والمساهمة في جودة حياة الناس.
دون شك، التكنولوجيا أسهمت في علاج أمراض خطرة، كانت تفتك بالإنسان، وهي تقوم اليوم بتعبيد الطريق أمام المزيد من الاكتشافات العلمية، سواء في مجالات الصحة، أو الفضاء، والطاقة، والزراعة، والمناخ، وغيرها من المجالات.
ومع هذا لا يمكن إغفال أن هناك تحديات كبيرة، فرضها الذكاء الاصطناعي تحديداً، ومخاوف بديهية باتت محل نقاش وحوار مهم بين المختصين وصناع القرار، حيث نلاحظ تضاؤل فرص العمل، وتجاوزاً للخصوصية، وضغطاً كبيراً على القيم السائدة، وهو ما يهدد بتضييق نطاقها، فضلاً عن محدودية للأخلاقيات المهنية والمبادئ والضوابط البشرية، ومعها تظهر الحاجة لوضع قيود حقيقية، لا تحد من الابتكار، ولا تعوق التطور، لكنها تضبط إيقاع التوجه نحو المستقبل، لأننا عندما نضبط استخدام التكنولوجيا بقوانين أخلاقية، تقل سلبياتها، وتتدنى تجاوزاتها.
تخيلوا لو أن طب التلقيح الاصطناعي الذي يتطور يومياً بشكل مذهل، تُرك بدون قوانين وضوابط، أو ما بات يعرف بالاستنساخ الجيني ليس تحت مظلة قانونية قوية.
عندما يقال وضع قوانين وضوابط على المبتكرات، وما ينتجه الذكاء الاصطناعي، تحديداً، فهذا ليس دعوة لتقييد البحث العلمي ولا الإنتاج التقني، بقدر ما هو مفتاح لضمان ألا تتحول أحلامنا البراقة الجميلة عن المستقبل إلى كوابيس مؤذية.
www.shaimaalmarzooqi.com