خالد بن حمد المالك
ظلت سوريا خلال حكم بشار، وحين أزيل من الحكم، في قلب محمد بن سلمان، وفي اهتمام المملكة، في الدفاع والدعم، ومواجهة المؤامرة الكبيرة عليها، وبالرفض لكل محاولات التقسيم، أو جعلها ميداناً ومسرحاً لإثارة الفتن والصراعات في المنطقة، ومصدر إزعاج وإيذاء للشعوب، وبيئة لتحضير القلاقل والمؤامرات، وخلق مناخ فيها يجعل المنطقة في حالة عداء لا يتوقف.
* *
كان تدخل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان في إنجاح الثورة استجابة لرغبة الشعب، وتمكيناً للشعب السوري من امتلاك الكفاءة والقدرة لاختيار النظام الذي يريده، بعد أن بلغ الوضع في سوريا ما جعلها دولة محتلة من عدة دول، وميليشيات أجنبية، ومجموعة من المرتزقة الأجانب.
* *
وبعد سقوط نظام بشار الأسد، كان محمد بن سلمان هو العين الساهرة على مصالح سوريا، والمحرك للتوجهات التي تنقذ سوريا من مآسيها، لا يسعى بذلك لمصلحة، ولا يدفعه لهذا الاهتمام غير الانتصار للشعب السوري الشقيق، فقد آوى عشرات الآلاف منهم ضيوفاً في المملكة خلال المحنة التي تعرضوا لها، والعذاب الذي مروا به، وسنوات القهر الذي عانوا منه خلال حكم استبدادي لا يُحتمل.
* *
كان أبرز ما قام به الأمير تمكين الرئيس السوري أحمد الشرع من لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض، وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، وعلى أثرها تم رفع العقوبات عن سوريا تتابعاً، ودُعي الشرع على رأس وفد كبير لزيارة البيت الأبيض، ولقاء الرئيس ترامب للمرة الثانية، وأزيلت الكثير من أسباب سوء العلاقات، بين البلدين.
* *
وضمن اهتمام المملكة بتحسين الأوضاع في سوريا، كان الدعم المادي لصرف رواتب الموظفين، والمساهمة في سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك المركزي، والدعم المقدم لقطاع الطاقة السوري، والانتقال إلى فتح مجال التعاون الاستثماري بين البلدين، فكان الوفد السعودي من القطاع العام والخاص يتواجد في سوريا، ويوقِّع عشرات الاتفاقيات لإعادة بناء سوريا في المجالات التي تضرَّرت من الحروب، ومن إدارة النظام السابق.
* *
ومن بين أهم ما حققته سوريا في العهد الجديد، بفضل دور الأمير محمد بن سلمان، قرار أمريكا إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون (قيصر) وهي خطوة من شأنها دعم الاستقرار والازدهار والتنمية في سوريا، وبذلك تكون أمريكا قد رفعت كافة العقوبات المفروضة على سوريا، مما سوف يعيد الاستقرار في جميع المناطق السورية، ويهيئ الظروف لإعادة بناء الدولة، واقتصادها، وعودة اللاجئين والمهجَّرين السوريين لمناطقهم.
* *
ومنذ وقت مبكر بعد تسلُّم النظام الجديد السلطة في سوريا، قامت المملكة بنشاط دبلوماسي نشط لدعوة الأطراف الدولية لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، فكان قرار الرئيس الأمريكي ترامب إلغاء (قانون قيصر) ورفع العقوبات، وكانت جهود ولي العهد قد بدأت خلال زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة في شهر مايو الماضي وتواصلت.
* *
وبالتأكيد، فإن رفع العقوبات عن سوريا، وإلغاء قانون (قيصر) إنما يمثِّل لحظة مفصلية في تاريخ البلاد، وحدثاً بالغ الأهمية، وسيكون له أثر إيجابي في تعافي الاقتصاد السوري بمختلف جوانبه، ما يعني ضرورة نبذ الخلافات، ودعم الحكومة السورية في جهودها، للنهوض بالدولة، وتفهم السوريين ما تتطلبه المرحلة من صبر وعمل في سبيل تحقيق الأهداف المنشودة.
* *
إن تعبير المملكة عن امتنانها وتقديرها لدور الرئيس ترامب في إلغاء قانون (قيصر)، يصاحبه تمنياتها من جميع المكونات السورية بتركيز الجهود الوطنية على بناء الدولة، والاستفادة من هذه الفرصة، ونبذ الخلافات، والاتجاه نحو التعاون، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتماسك المجتمع في سبيل تحقيق التنمية الشاملة.
* *
ومع إلغاء قانون (قيصر) سوف يتعافى الاقتصاد السوري بالتدريج، وبشكل كبير، مستفيداً من إنهاء ملاحقة الأفراد، والشركات التي تتعامل مع سوريا، وفك الحظر عن أموال سوريا في البنك المركزي، والأصول السورية المجمَّدة بالخارج، بما يسمح بإجراء إصلاح شامل في القطاع المصرفي، وإعادة تفعيل التمويل العالمي (سويفت) وتسهيل عمليات التصدير، وخفض أسعار السلع المستوردة.

