: آخر تحديث

دعونا جميعاً نبدأ من البيت

7
3
3

قلناها مئات المرات، وقالها الغير، قبلنا وبعدنا، آلاف المرات، بغير العلم المميز، والقائم على التفكير النقدي والتساؤل وحرية القول والبحث، لن تقوم لنا قائمة مع نظام التعليم الحالي المتخلّف، والمبني على الحفظ والتلقين، مع جهوزية الكف لأن تسقط على الخد الصغير، إن نسي المسكين سطراً!

ستمر عقود من الزمن قبل أن تدرك السلطات التعليمية أهمية هذه الأمور، وبالتالي على الآباء والأمهات عدم انتظار قطار التغيير، الذي قد لا يأتي في حياتهم، ومحاولة «إحياء الفكر النقدي عند الطفل»، ومساعدته كي ينمو بطريقة صحيحة، من خلال اتباع مهارات فعالة تساعده في مسيرته.

يقول الأستاذ أنور أصفري إن الطفل هو إنسان متلقٍّ ليس إلا، وعلينا تعليمه مختلف المهارات منذ الصغر، خصوصاً التي تتضمّن عنصر الإبداع والعمليات الذهنية لديه، وأن نشجعه على طرح السؤال، وتجنّب الطلب منه تنفيذ ما نطلب، من دون تساؤل، وله الحق في أن يقول لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ ولتحقيق ذلك يمكن للأهل مثلاً افتعال مشكلة صغيرة ما، ومن ثُمّ يعتمدون على الطفل ليحلّ لهم المشكلة من خلال تشجيعه والاعتماد عليه، وتحريض مهاراته ليُمارس التحليل، فتتولد عنده الأفكار، وينشط عنده العقل النقدي وليس السلبي، فليس من السهولة بمكان تدريس التفكير النقدي للأطفال، ولكن الآباء يستطيعون القيام بذلك ومساعدة أطفالهم من خلال تكوين عقلية التفكير النقدي، وفسح المجال أمام الطفل لتنمية رغباته في البحث عن المعرفة بشكلٍ أعمق، بهدف حلّ مشكلة ما في حياتنا اليومية الواقعية، لأن الخطوة الأساسية هي تعليم الطفل كيف تتم عملية التفكير السامية في أي موقف يتطلب اتخاذ القرار المناسب بكل مهارة، وسيكبر الأطفال وهم واثقون من قدراتهم، وفي الوقت نفسه، يُشكّكون في الافتراضات أو الاحتمالات، والتفكير بالمنطق وبالفعل، بعيداً عن العواطف السلبية.

علينا أن نشرح لهم قدر الإمكان رغم أنهم صغار السن، ونؤكّد لهم ونشجّعهم، ونقول لهم نعم، سؤالكم جيد، وعلينا أن نتوصّل إلى إجابة منطقية.

إن التفكير النقدي هو بمنزلة تحليل منطقي ونقدي لأي فكرة، عوضاً عن أي استجابةٍ عاطفية أو ذاتية الفهم، حيث إن التفكير النقدي هو أساساً بمنزلة أن يكون الإنسان على استعداد فعلي لتحدي ذاته وتحدي آرائه، من خلال معلوماتٍ وآراء مختلفة، لذا عليك أن تسمح لأطفالك بأن يتوجّهوا بتساؤلاتهم، وبالتالي مناقشة شرعية ما تقول، بهدف إحياء الفضول الفكري لديهم والمهارات التحليلية.

إن التفكير غير المغلق والمرن أو السلس عند التعامل مع أي مشكلة طارئة هو أمر ضروري في ثقافة التفكير النقدي، وبذلك نعلّم أطفالنا أن يكونوا منفتحين من خلال وجهات نظرهم المختلفة أو البديلة لحل أي مشكلة، وجميل أن نشجع الأطفال على حلّ أي مشكلة بطرق جديدة ومختلفة من خلال ترابط الأفكار، فهذه بمنزلة الإبداع والمهارة والابتكار.

ولعلّنا نؤكّد في نهاية المطاف أن التفكير النقدي ليس مهماً للأطفال وحسب، بل أيضاً للكبار، حيث إن تعليم الأطفال كيفية التفكير المنطقي لا يكفي، لأننا نحن أيضاً بحاجةٍ إلى تعلّم أسلوب هذه المهارة المبدعة والثمينة والأساسية في التربية، كما أن التفكير التأملي هو أيضاً من أساسيات الحد من التربية السيئة.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد