: آخر تحديث
تقلبات دولية تحد من دينامية الاقتصاد الوطني

الحكومة المغربية تطلع على نتائج تنفيذ موازنة 2025 وتناقش فرضيات 2026

8
6
5

إيلاف من الرباط: واجه الاقتصاد المغربي خلال الأشهر الماضية تقلبات دولية غير مسبوقة، شملت تباطؤًا عامًا للنمو العالمي، وتصاعدًا في التوترات الجيوسياسية، وعودة السياسات الحمائية، فضلًا عن آثار التغيرات المناخية، لكنّه نجح، رغم كل ذلك، في تحقيق مؤشرات إيجابية على مستوى النمو، والتحكم في التضخم، ورفع المداخيل الجبائية، وتحسين أوضاع سوق الشغل.

هذا ما أعلنت عنه وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية نادية فتاح، خلال عرضها حول الوضعية الاقتصادية بمجلس الحكومة الخميس بالرباط، بشأن تنفيذ قانون الموازنة لسنة 2025، ومراحل إعداد مشروع موازنة 2026، والبرمجة الموازناتية الثلاثية للفترة 2026-2028.

وسجل الاقتصاد المغربي، بحسب وزيرة الاقتصاد والمالية، نموًا بنسبة 4.5% خلال النصف الأول من سنة 2025، مدفوعًا بتعافي الأنشطة غير الفلاحية، خصوصًا في قطاعات البناء والأشغال العمومية، والسياحة، والصناعة، والطاقة. 

وأكدت الوزيرة فتاح أن الطلب الداخلي ساهم بقوة في هذا الانتعاش، حيث ارتفع بنسبة 8%، بسبب ارتفاع وتيرة الاستثمار الذي حقق تطورًا بلغ 17.5%.

في المقابل، لا يزال القطاع الفلاحي يعاني من تداعيات الجفاف، تكشف الوزيرة فتاح، حيث شهد تراجعًا في إنتاج الحبوب بنسبة 23% مقارنة بموسم عادي، ما دفع الحكومة إلى إعادة تقدير النمو الفلاحي وتكييف الفرضيات المالية وفق المعطيات المناخية الجديدة.

التحكم في التضخم وتيسير السياسة النقدية
أوضحت الوزيرة أن السلطات المالية نجحت في احتواء الضغوط التضخمية، حيث استقر معدل التضخم عند 1.1% خلال الأشهر الستة الأولى من السنة، بعد أن بلغ ذروته في 2022 و2023، وساهم في هذا التراجع إنخفاض أسعار المواد الأولية، وتحسن سلاسل التوريد، وتدخلات بنك المغرب، الذي خفّض سعر الفائدة الأساسي إلى 2.25%.كما ساهم هذا الانخفاض في تحفيز الاستثمار والاستهلاك، وتحسين القدرة الشرائية للأسر، خصوصًا في المناطق القروية، في ظل استمرارية الدعم الاجتماعي وزيادات الأجور التي تم الاتفاق عليها في إطار الحوار الاجتماعي.

ارتفاع المداخيل الجبائية
سجلت المداخيل الجبائية ارتفاعًا بنسبة 16.6% مقارنة بالنصف الأول من سنة 2024، وبلغت نسبة الإنجاز 55.3% من التوقعات السنوية، وهو ما يعكس، بحسب الوزيرة فتاح، نجاح الإصلاحات الجبائية، خاصة ما يتعلق بالضريبة على الشركات التي ارتفعت بنسبة 32.9%، والضريبة على الدخل، والضريبة على القيمة المضافة.

وربطت الوزيرة فتاح هذا الأداء بالإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الوزارة، والتي تشمل توسيع الوعاء الضريبي، وتحسين الامتثال، وتفعيل مقتضيات القانون الإطار للإصلاح الجبائي، مع توجيه هذه الموارد نحو تمويل البرامج الاجتماعية الكبرى.

خلق فرص الشغل وتحسن سوق العمل
عرف سوق الشغل تحسنًا تدريجيًا، مع خلق 282 ألف منصب شغل صافي خلال الفصل الأول من سنة 2025، وهو أعلى رقم مسجل منذ سنة 2007. وقد تراجع معدل البطالة إلى 13.3%، بسبب انتعاش قطاعات البناء والخدمات والفلاحة، وبداية تفعيل خارطة الطريق الوطنية للتشغيل التي تستهدف خلق 1.45 مليون منصب شغل في أفق 2030.

توازنات خارجية مستقرة 
رغم تسجيل ارتفاع العجز التجاري بنسبة 15.1%، نتيجة ارتفاع واردات مواد التجهيز والاستهلاك، حافظ المغرب على توازنات خارجية مستقرة بفضل أداء الصادرات في قطاع الفوسفات (18.1%)، وتنامي تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، وتحسن عائدات السياحة، وارتفاع الاستثمارات الأجنبية.

وبلغت احتياطيات العملة الصعبة 403 مليار درهم (44.6 مليار دولار أميركي) أي ما يعادل 5.5 أشهر من واردات السلع والخدمات، في حين استقر عجز الحساب الجاري في حدود مقبولة لا تتجاوز 3% من الناتج الداخلي الخام.

التزام حكومي بالاستمرارية والإصلاح
قالت الوزيرة فتاح أن مشروع مالية (موازنة) 2026 والبرمجة الثلاثية للسنوات المقبلة يكرّسان الالتزام الحكومي بمواصلة الإصلاحات الكبرى، وتنزيل التوجيهات الملكية، مع تعزيز استدامة المالية العمومية، وضمان تمويل البرامج الاجتماعية، وتحقيق العدالة الضريبية، وتحفيز الاستثمار، في توازن دقيق بين المتطلبات الاجتماعية والإكراهات المالية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد