: آخر تحديث
بعد تفاقم العجز التجاري إلى 2.8 مليار دولار

المغرب يتحرك لمراجعة اتفاقه التجاري مع تركيا

6
5
6

إيلاف من الرباط: أعاد التحذير الأخير الصادر عن مكتب الصرف المغربي (مكتب تحويل العملات) ، بشأن تفاقم العجز التجاري مع تركيا، ملف اتفاق التبادل الحر بين البلدين إلى واجهة النقاش السياسي والاقتصادي. 

وكشفت بيانات رسمية أن العجز التجاري المغربي مع أنقرة بلغ خلال عام 2024 نحو 27.6 مليار درهم (حوالي 2.8 مليار دولار)، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 12 في المائة مقارنة بالعام السابق، وهو ما دفع الرباط إلى التحرك من أجل إعادة التوازن إلى العلاقات التجارية الثنائية.
في سياق ذلك ، يزور وفد حكومي مغربي، يقوده عمر حجيرة، كاتب الدولة ( وزير دولة) المكلف التجارة الخارجية، العاصمة التركية أنقرة هذا الأسبوع، لعقد اجتماعات مع نظرائه الأتراك، بهدف تقييم حصيلة اتفاق التبادل الحر الموقع بين البلدين منذ عام 2006، والذي تم تعديله سابقاً في عام 2021، بعد احتجاجات متكررة من المنتجين المغاربة، لا سيما في قطاع النسيج، الذين اشتكوا من إغراق السوق الوطنية بالمنتجات التركية.
ورغم فرض رسوم جمركية حمائية تصل إلى 90 في المائة على عدد من المنتجات التركية الحساسة بعد تعديل 2021، إلا أن حجم العجز التجاري استمر في التزايد، حيث لم تتجاوز الصادرات المغربية 1.2 مليار دولار، مقابل واردات تركية بلغت أكثر من 4 مليار دولار.

رؤية مغربية جديدة
في تصريح صحافي بالرباط، قال حجيرة إن المباحثات الحالية "تسعى إلى قراءة دقيقة لأرقام المبادلات التجارية، ودراسة الخلل المسجّل في الميزان التجاري، مع الحرص على الحفاظ على الطابع التعاوني والإيجابي للعلاقات الثنائية".
وأوضح أن المغرب يدرس خيارات بديلة تتجاوز فرض الرسوم الجمركية، من بينها تشجيع الاستثمارات التركية المباشرة داخل المملكة، من أجل خلق قيمة مضافة محلية، وتخفيف الضغط على الميزان التجاري عبر شراكات إنتاجية وتصديرية مشتركة.
ويأتي هذا التحرك ضمن الإطار العام لخارطة الطريق الجديدة للتجارة الخارجية المغربية للفترة 2025–2027، التي تهدف إلى الرفع من قيمة الصادرات المغربية بنحو 84 مليار درهم(8,4 مليار دولار) ، وتأسيس 400 شركة تصديرية جديدة سنوياً، مع التركيز على 22 سوقاً دولية، أكثر من نصفها في القارة الإفريقية، لتصدير الصناعات الغذائية، والسيارات، والطاقات المتجددة، والتكنولوجيات المتقدمة.

مراجعة دورية للاتفاقيات
وشدد حجيرة على أن "اتفاقيات التبادل الحر ليست معطى ثابتاً، بل يجب أن تخضع للتقييم من حين لآخر، بناءً على نتائجها الاقتصادية"، مضيفاً أن المغرب سبق أن قام بتقييم مماثل لاتفاقه التجاري مع موريتانيا، في إطار رؤية قائمة على مبدأ "رابح – رابح"، لا تسجيل عجز تجاري متراكم.

مفاوضات حاسمة
ويرتقب عقد اجتماعات تقنية مكملة للقاء الوزاري، فيما أعلن المسؤول المغربي عن نية عقد اجتماع موسع، في الأسابيع المقبلة، يجمع بين الفاعلين الاقتصاديين من البلدين، لتفعيل ما سيتم الاتفاق عليه خلال الجولة الحالية من المحادثات.

ويرى مراقبون أن اتفاق التبادل الحر مكّن تركيا خلال السنوات الماضية من توسيع حضورها التجاري في السوق المغربية، دون أن يُقابله انفتاح مماثل للمنتجات أو الاستثمارات المغربية في السوق التركية، ما خلق فجوة تجارية تتطلب معالجة هيكلية لا تقتصر على تعديل الرسوم.

اختبار للسيادة الاقتصادية
يعتبر تحذير مكتب الصرف مؤشراً على ضرورة إعادة ضبط البوصلة الاقتصادية، في وقت تسعى فيه المملكة المغربية إلى تعزيز سيادتها الإنتاجية، وتقليص التبعية التجارية، وبناء شراكات قائمة على الاستثمار ونقل التكنولوجيا، بدل الاقتصار على التبادل السلعي.
ويتوقع محللون اقتصاديون، أن نجاح المفاوضات مع أنقرة سيعتمد على مدى استعداد الجانب التركي للتجاوب مع المتغيرات الجديدة في الرؤية المغربية، التي باتت توازن بين الانفتاح الاقتصادي ومقتضيات السيادة التجارية. وفي حال استمرار الوضع على ما هو عليه، قد تجد الرباط نفسها مضطرة لاتخاذ إجراءات أكثر حدة لحماية مصالحها الاقتصادية الوطنية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد