> رِد بَبر كان قائد حافلات المترو في لندن («الأندرغراوند») في السبعينات، عندما حذَّر ذات مرّة الركاب طالباً منهم عدم عرقلة إغلاق الأبواب. كان بين الركاب منتج تلفزيوني أُعجب بصوت الرجل، فانتظر حتى المحطة التالية، ثم هرع إلى كابينة القيادة وتبادل مع صاحب الصوت أرقام الهواتف.
> في أقل من 6 أشهر، أصبح رِد بَبر مُعلّقاً تلفزيونياً بفضل صوته المميّز، ثم انتقل من التلفزيون البريطاني إلى هوليوود، حيث ذاع صوته في المقدّمات الإعلانية للأفلام. كان هو صاحب الصوت الأجش القادر على تحذير المشاهدين من رعب مُحتمل، أو جذبهم إلى عالم فانتازي ساحر، أو إلى فيلم أكشن من بطولة سيلفستر ستالون.
> لم يكن الوحيد في هذه المهنة، فهناك آخرون بأصوات مميّزة عُدَّت المفتاح الأول لجذب اهتمام المشاهدين عبر تلك المقدّمات. مهنة تدرّ إيرادات خيالية، لأنّ الأصوات - ومهما امتلك البعض أصواتاً يظنونها مناسبة - بقيت فريدة من نوعها. أصوات ذكورية تعجب الجنسين لأسباب مختلفة.
> كلّ هذا اختفى معظمه منذ 3 عقود، إذ غُيِّب صوت المُعلّقين واستُبدل بموسيقى غالباً عشوائية تتكرّر من فيلم إلى آخر أو تتشابه كثيراً.
> كان المُعلّق من هؤلاء يعرف كيف يتقن بصوته عملية ترويج الفيلم وجذب المشاهدين. وبما أنّ المقدّمات الإعلانية تسبق الأفلام الرئيسية، فإنّ على ذلك الصوت أن يبقى عالقاً في البال لمدّة كافية بعد انتهاء الإعلان. كان ركناً أساسياً في العملية الدعائية بأسرها.
> اليوم، تكتفي معظم الأفلام بإعلانات بلا أصوات مُعلّقين، تروي القصّة بترتيب أحداثها، فتكتشف منذ البداية أنّ عائلة سعيدة انتقلت للعيش في بيت مسكون من دون علمها، حيث تبدأ الأحداث. وغالباً ما تكشف المقدّمات تفاصيل كان من الأجدى إخفاؤها.
> مع ذهاب الصوت (إلا في مرات محدودة)، غاب فنّ الإلقاء الرائع، وضاع مفتاح الجذب وسط تخبُّط في البحث عن بدائل لا تسدّ الثغرة ولا تمنح التأثير والجاذبية السابقَيْن.