: آخر تحديث

نهج تصعيدي

4
4
3

يوماً بعد آخر تتسارع وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتأتي مصادقة سلطات الاحتلال على بناء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية لتؤكد النهج التصعيدي الذي يضرب بقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط، ويقوض فرص السلام العادل والشامل.

هذا القرار لا يمكن فصله عن سياسة ممنهجة تهدف إلى فرض أمر واقع بالقوة، وتغيير الطابع الديموغرافي والجغرافي للأراضي المحتلة، في انتهاك صريح للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

إن الموقف الذي عبّرت عنه وزارة الخارجية بوضوح وحزم، ينسجم مع ثوابت المملكة التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، ويعكس إدراكًا عميقًا لخطورة استمرار الاستيطان على مستقبل حل الدولتين، فالتوسع الاستيطاني لا يمثل مجرد إجراء إداري أو أمني كما تحاول سلطات الاحتلال تسويقه، بل هو فعل سياسي عدواني يستهدف إجهاض أي مسار تفاوضي جاد، ويغذي دوامة العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.

دعوة المملكة المتكررة للمجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته، ليست موقفًا إنشائيًا، بل نداءً صريحًا لتحمل الواجب القانوني والأخلاقي في حماية الشعب الفلسطيني، ووقف الانتهاكات المتواصلة التي تقوّض أسس النظام الدولي القائم على احترام القانون، فالصمت الدولي، أو الاكتفاء ببيانات الإدانة غير الملزمة، شجع الاحتلال على التمادي في سياساته الأحادية، دون أي اكتراث بتبعاتها الإنسانية والسياسية.

وتؤكد المملكة من خلال هذا الموقف، أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق عبر فرض القوة أو شرعنة الاحتلال، بل عبر تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية، هذه الرؤية التي ظلت المملكة متمسكة بها، تشكل إطارًا متوازنًا وعادلًا يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة.

إن استمرار الاستيطان يمثل اختبارًا حقيقيًا لصدقية المجتمع الدولي، الذي لطالما دعت المملكة لأن يتحمل مسؤوليته تجاه العدوان الإسرائيلي، والواقع أن الجميع أمام مسؤولية تاريخية، إما الانتصار للشرعية الدولية والعدالة، أو ترك المنطقة رهينة لصراع مفتوح لا يخدم إلا قوى التطرف والفوضى.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد