: آخر تحديث

حلاوة إنسان

3
4
3

سهوب بغدادي

قال لي شخص حكيم ذات يوم: «لكل شخص حلاوة، هناك شخص حلاوته في الوصال والقرب، كما أنّ هناك شخصا حلاوته في سطحية الوصال، لتبقي على ما به من حلاوة» حقًا، إنّ تسطيح وتعميق العلاقات مهارة وفن لا يتقنه الجميع، بطبيعة الحال كل شخص به بذرة خير، كذلك به مواطن ضعف، وقد نتعرض لتلك الجوانب السلبية في تعاملاتنا الحياتية في أكثر من مجال وإطار، مما يشكل درسًا قاسيًا للشخص بعد صدمات وخيبات سحيقة تركت في الروح شروخًا وجروحًا دفينة تطفو على السطح، أحيانًا تظهر على شكل تجنب العلاقات الجيدة مخافة خيبة الأمل، أو على هيئة شخص حانق على صنف معين من الأشخاص والأجناس، والأمثلة عديدة وتتنوع بحسب المواقف والتجارب.

إنّ الشخص العصبي جيد إلا أنه يتحتم عليك تجنب مواضع إثارة ذلك الغضب، كما أنّ المزح والعفوية مع سليط اللسان قد يعرضك لسيل وابل من الانتقادات والشتائم، قال صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه البخاري.

في حين يعد اقترابك من شخص حكيم مدعاةً للاطمئنان لأنك تعي جيدًا أنك في أيدٍ أمينة وعقل راجح سليم -بإذن المولى- فيما تختلف مرآة الصفات الجيدة والسيئة من مجتمع إلى آخر وبين ثقافة وأخرى، بالإضافة إلى اختلاف الموقف وحيثياته، فبعض المجتمعات ترى في الشدة والغلظة أمرًا إيجابيًا ومن الشجاعة والرجولة، نظرًا لاختلاف الزمان والمكان والظروف،.

على سبيل المثال لا الحصر، عند اندلاع النزاع في مكان ما -حمانا الله- فإن الأمر على الأغلب يتطلب الشدة والعنفوان لمجابهة تلك الفترة خاصةً عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الدين والوطن والعرض -لا أرانا الله وإياكم مكروهًا- ففي ذلك الموضع يعتبر الاقتراب من ذلك الشديد أمانًا ومحمودًا، فلكل مقام مقال، وما تقترب منه اليوم قد تبتعد عنه غدًا أو بعد غد والعكس صحيح.

«وأنزَلتْهُ من درجة أنه كل الناس إلى منزلة أنه ككل الناس، ونبهت حزمها وعزيمتها وكبرياءها، فرأته بعد ذلك أهونَ على نفسها من أن يكونَ سبباً لشقاء أو حسرة أو هم»- مصطفى صادق الرافعي (وحي القلم).


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد