خالد بن حمد المالك
منذ أول تصريح لولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان عن أن المملكة يجب ألا تعتمد على البترول، وأن عليها أن تنوِّع اقتصادها، وتالياً رفع إيراداتها، باستهداف الاستمرار في تنامي حجم ميزانيتها، برفع دخلها من غير النفط، وتأكيده على أن المملكة يجب أن تتخلَّص من المنتج الواحد في تدفق النقد لبناء مستقبلها، وأنا أرى ملامح التخطيط الصحيح لتجنب أي تحديات قد تواجه المملكة فيما لو انخفض الطلب على النفط، وتراجعت مستويات الإنتاج والتصدير.
* *
خطوات كثيرة غير مألوفة أو معتادة في سياسة المملكة لإرفاد ميزانيتها بموارد أخرى، وإشراك المواطن في دعم هذا الاتجاه من خلال الضريبة المضافة على السلع دون أن تمس دخله كثيراً، يقابلها دعم الدولة للسلع والمواد الغذائية لتكون أسعارها في متناول وقدرة كل مواطن، وتقديم تسهيلات أخرى تصب في هذا الاتجاه.
* *
وضمن الخطوات التي تُساعد على كفاءة الإنفاق، الاهتمام بالسياحة، وبناء المشاريع ذات الصلة بجعل المملكة جاذبة للقدوم إليها للتمتع بما فيها من مغريات ترفيهية، وقضاء وقت بالمملكة في ظل مغريات ترفيهية منافسة، ما يُقلِّل من سفر المواطنين، ويدفع بغير المواطنين من الخارج لوضع المملكة ضمن البرامج العالمية في الاستقطاب، وقضاء أجمل الأوقات بين تنوعها البيئي والجغرافي، من سهول وجبال ووديان وبحر وآثار وصحراء، إلى جانب ما يخص الحج والعمرة والصلاة في المسجد النبوي في المدينة المنورة.
* *
كان الاستثمار ضمن أولويات خيارات الأمير محمد بن سلمان، بدءاً من إيجاد صندوق للاستثمارات العامة، ومن بين مستهدفاته تحقيق عوائد مستدامة، و في تقريره السنوي للعام 2024م الذي تم الإعلان عنه أظهر ارتفاعاً في أصول الصندوق المدارة بنسبة 19 % على أساس سنوي لتبلغ 3042 تريليون ريال، وارتفاع إجمالي الإيرادات بواقع 25 % ما يعد الصندوق كأحد أكبر وأسرع صناديق الثروة السيادية نمواً في العالم.
* *
ويتحدث التقرير عن أن مساهمة الصندوق في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي ارتفعت لتبلغ 910 مليارات ريال خلال الفترة من 2021م إلى 2024م بشكل تراكمي، مع تركيز محفظة الصندوق على التنوّع الاقتصادي، إلى جانب الالتزام بتعزيز الشراكات العالمية، ففي عام 2024م تم توجيه 213 مليار ريال للقطاعات ذات الأولوية ليصل إجمالي استثمارات الصندوق في هذه القطاعات إلى أكثر من 642 مليار ريال.
* *
وفي التقرير أيضاً بلغ ما أسهم به الصندوق في الناتج المحلي ما يصل إلى 10 % من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي خلال الفترة من 2021م إلى 2024م، وبلغ عدد شركات محفظة الصندوق 225 بنهاية عام 2024م، وبذلك فقد أظهر التقرير انتقال الصندوق من التحول الرقمي إلى الريادة الرقمية، ليصبح الذكاء الاصطناعي والأتمتة جزءاً حيوياً من عملياته، كما صرحت بذلك مرام الجهني كبير الإداريين المكلَّف والأمين العام لمجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة.
* *
هذه أرقام وإحصاءات رسمية مُعزِّزة لكفاءة عمل الصندوق، ولا أدل على ذلك من تميّز الصندوق بالنزاهة وبأداء معايير الحوكمة والاستدامة والمرونة دولياً، محققاً نسبة 96 % على مؤشر الحوكمة والاستدامة والمرونة لعام 2024م، كما حلَّ في المركز الأول عالمياً ضمن قائمة تضم 200 مستثمر سيادي، وفي دراسة عالمية تصدر الصندوق قائمة العلامة التجارية الأعلى قيمة بين صناديق الثروة السيادية.
* *
وهكذا فإن استثمارات المملكة تجعل المواطن مطمئناً على مستقبله ومستقبل أحفاده، فالإيرادات تنمو، والمشاريع تتوالى، والعمل يسير بوتيرة سريعة مُتقنة، ومُخطَّط لها، وهناك شفافية، فلا سرية على الأرقام، ولا إخفاء للنتائج، ولا حظر على معلومة للمواطن الحق بأن يتعرَّف عليها، وهكذا هي المملكة تطور مُتسارع، وعمل مدروس، ونتائج مبهرة، والطموح لا حدود له، والقوة حاضرة، كما هو جبل طويق، وكما هي رؤية محمد بن سلمان.