: آخر تحديث
يراهن على تحول استراتيجي في مجالي بطاريات السيارات الكهربائية والهيدروجين الأخضر

المغرب يعيد رسم خريطته الصناعية للتموقع كقوة إقليمية في قطاعات المستقبل

8
5
6

إيلاف من الرباط: في مؤشر قوي على تصاعد الدور الصناعي للمغرب في المنطقة، كشف وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، عن تحول بنيوي غير مسبوق في مسار الاقتصاد المغربي، عنوانه الأبرز "بناء منظومة صناعية منخفضة الكربون، تقوم على الابتكار والسيادة الصناعية، وتتجاوز المفهوم التقليدي للاستثمار"، وهو ما يؤثر على إعادة تموقع المغرب كقوة إقليمية في قطاعات المستقبل.

وذكر مزور، خلال مشاركته في ندوة وطنية بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، الأربعاء، خُصصت لموضوع "الاستثمار والتشغيل والتحول البنيوي"، أن المغرب تمكن من تعبئة استثمارات صناعية ضخمة تجاوزت 378 مليار درهم (نحو 38 مليار دولار)، مع التزام بإحداث ما يفوق 420 ألف منصب شغل مباشر، في طفرة نوعية لم يشهدها القطاع الصناعي المغربي في تاريخه الحديث.

وأوضح الوزير مزور أن هذه النتائج لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت ثمرة "رؤية ملكية بعيدة المدى، وسياسات صناعية دقيقة، تزاوج بين السيادة الاقتصادية والعدالة المجالية، وتحفّز الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالي".

بطاريات السيارات الكهربائية: رهان السيادة الصناعية
في مقدمة القطاعات ذات الأولوية، يبرز قطاع بطاريات السيارات الكهربائية، باعتباره محوراً استراتيجياً في السياسة الصناعية الجديدة. وقال مزور، في سياق ذلك، إن "المغرب يمتلك جميع المقومات التقنية واللوجستية والطاقية لبناء سلسلة صناعية متكاملة في هذا المجال، من المنجم إلى خلايا البطارية إلى السيارة"، على حد تعبيره. وقد تم، بالفعل، توقيع اتفاقيات مهمة مع فاعلين دوليين لإنشاء مصانع في منطقتي طنجة والجرف الأصفر، باستثمارات إجمالية تناهز 20 مليار درهم (حوالي 2 مليار دولار)، مع التفاوض بشأن مشروع ضخم آخر بقيمة 6.3 مليار دولار مع شريك صيني، ما يؤكد دخول المغرب مرحلة متقدمة من التنافس في سوق السيارات الكهربائية العالمية.

الهيدروجين الأخضر: بوابة نحو صناعات المستقبل
إلى جانب ذلك، يراهن المغرب على ريادة إقليمية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، مستفيداً من موارده الشمسية والريحية، وموقعه القريب من أوروبا. وقال الوزير مزور  إن "هذا التوجه سيفتح المجال لتطوير صناعات جديدة مثل الفولاذ الأخضر والإلكتروليزات، وأنظمة تخزين الطاقة، مما سيمنح المغرب موقعاً تنافسياً في السوق الطاقية النظيفة".

وذكر أن المملكة المغربية بدأت في تنزيل مشاريع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالأقاليم الجنوبية، بالتوازي مع مشاريع تحلية مياه البحر، وهو ما يندرج ضمن التوجه الاستراتيجي الذي رسمه الملك محمد السادس، لجعل الأمن المائي والطاقي جزءاً من منظومة السيادة الوطنية.

مؤشرات على عدالة مجالية فعلية
ومن أبرز ملامح هذا التحول التنموي، بحسب الوزير مزور، أن حوالي 30 في المائة من المشاريع الصناعية الجديدة جرى توجيهها إلى المناطق التي تقع خارج المحور الاقتصادي التقليدي (الدار البيضاء – الرباط – طنجة). ويرى مزور في هذا التوزيع "دليلاً على التزام الدولة بتحقيق عدالة مجالية حقيقية، من خلال جعل المناطق الأقل استفادة من التنمية مراكز إنتاج متقدم".

في السياق ذاته، أشار إلى أن بنك المشاريع الصناعية استقطب 1839 مشروعاً موزعة على مختلف جهات المملكة، باستثمارات فاقت 125 مليار درهم (حوالي 12.5 مليار دولار)، ويتوقع أن تحدث ما يناهز 180 ألف منصب شغل مباشر. كما واكبت اللجنة الوطنية للاستثمارات هذه الدينامية من خلال دعم 191 مشروعاً استثمارياً بإجمالي مالي ناهز 126 مليار درهم (12.6مليار دولار)، نصفها مشاريع صناعية، يُرتقب أن تخلق أزيد من 151 ألف منصب على شغل، 81 في المائة منها في القطاع  الصناعي .

المغرب... ثقة دولية متصاعدة
ورأى مزور أن هذه المؤشرات تعكس الثقة الدولية المتزايدة في الاقتصاد المغربي، مشيراً إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع الصناعي بلغت خلال العقد الأخير 16.5 مليار درهم (1.65 مليار دولار)، ما يكرّس المملكة كوجهة مفضلة في سلاسل التوريد العالمية، وكبوابة صناعية وطاقية بين إفريقيا وأوروبا.

واعتبر مزور، من خلال هذه النتائج التي حققها مناخ الأعمال، أن المغرب لم يعد يكتفي بجذب الاستثمارات فحسب، بل يسعى إلى بناء نموذج صناعي مستقل، ومستدام، ومندمج، قادر على الصمود أمام التحولات العالمية، ومواءمة أهداف التنمية مع متطلبات الأمن الاقتصادي والانتقال الطاقي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد