خالد السليمان
تحدث الدكتور سليمان العيدي في حوارٍ مسجل عن بعض المواقف المحرجة التي تعرّض لها عندما كان مذيعاً لنشرات الأخبار والربط في التلفزيون السعودي، مع ملوك وأمراء ومسؤولين في وزارة الإعلام وإدارة التلفزيون. كانت لحظات من الشفافية تجلّى فيها العيدي لتسجيل تاريخٍ يجب أن يشاركه مع الجمهور والأجيال القادمة المهتمة بالعمل الإعلامي !
أعادني حوار الدكتور العيدي الصريح إلى ذاكرتي لحوار جمعني بالراحل الدكتور بدر كريم، عندما عرض علي مسودة كتاب سيرته، وقد تضمنت العديد من المواقف المثيرة والمحرجة مع ملوك وأمراء ومسؤولين. شجعته حينها على نشر المسودة كما هي، دون حذف أي من تلك المواقف، لكنه بدا متردداً وقلقاً من أن تسبب له بعض الحرج، وعبثاً حاولت إقناعه بأن هذه المواقف لم تعد ملكاً له، بل أصبحت ملكاً للتاريخ، ويجب أن تودع في خزائنه لتتعرّف عليها الأجيال القادمة، خاصةً وأنه - حينها - لن يكون موجوداً، وكذلك الحال مع الشخصيات التي كان يتحرج منها. لكنّ الكتاب صدر دون تفاصيل تلك المواقف، مما أضعف محتواه !
الموقف ذاته تكرر مع معالي الدكتور جميل الحجيلان، حين أرسل لي مسودة بعض فصول كتابه لإبداء الرأي فيها. فقلت له إن صراحته وشفافيته ستكونان سبباً في نجاح الكتاب وانتشاره، وبالفعل صدر الكتاب بكامل تفاصيله، مما عزز من قيمته، وعرف الناس بكواليس العمل والمواقف المثيرة التي أصبحت وديعة في خزينة التاريخ، بعد أن كانت وديعة في ذاكرته الشخصية !
ودائماً ما أشجع من خدموا في مناصب مرتبطة بالخدمة العامة، وكذلك الإعلاميين على تدوين تجاربهم والمواقف التي مرّوا بها، حتى وإن تأخر نشرها لعدم مواءمة الظروف اللحظية، فالظروف تتبدل، وهذه التجارب تمثّل في نهاية المطاف الإضافة التي تصنع تاريخنا، ولنا في كتابي «الوزير المرافق» و«في الإدارة» للدكتور غازي القصيبي خير مثال على تصوّرٍ أفاد المجتمع في معرفة تفاصيل العلاقة داخل الحكومة !
واليوم، عندما أقرأ ما تنشره بعض الصحف والمجلات من سيرٍ ووثائق تكشف كواليس أحداث ولقاءات قادة وزعماء وسياسيين، أجد في ذلك فائدة عظيمة لفهم تلك المراحل من التاريخ الماضي، وقياس الحاضر، واستخلاص العِبَر للمستقبل !
باختصار.. سِيَر ومواقف وتجارب الشخصيات العامة ملك للتاريخ !