خالد بن حمد المالك
لم تكن سوريا ذات يوم خارج اهتمام المملكة، وحرصها على أمنها واستقرارها ووحدة أراضيها، وتمكينها من أن تكون دولة ذات سيادة، فقد كانت تدافع عنها في المحافل السياسية، وتفصح في كل مناسبة عن مواقفها الداعمة، وتتحدث عن رؤيتها لإصلاح ما أفسده نظام الأسد في فترتي الأب والابن بكل وضوح.
* *
في بداية الأزمة مكنت من يرغب من المدنيين السوريين الإقامة بالمملكة هروباً من نظام لا يرحم، ووفرت للقادمين بالإقامة الكريمة، يدرسون في مدارس الحكومة ويقيمون بين المواطنين، ويتلقون العلاج كما هم السعوديون، ولهم الحق في العمل بالقطاع الخاص دون شروط.
* *
وبذل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان محاولات جادة ومستمرة لتغيير توجهات بشار الأسد، ومنعه من السير في إدارة البلاد وفقاً لما يوجهه به أعداء سوريا، موضحاً سموه خطورة الانقياد لهذا الطريق الخاطئ، وقدَّم له الكثير من الحوافز ليحمي شعب سوريا من ظلمه وقهره، ومن تعريض سوريا إلى التمزّق والتقسيم.
* *
وعندما لم يجد منه غير الوعود، رفع سموه يده، وأخذ بطريق دعم الشعب السوري لإسقاط النظام، وما إن ترك البلاد هارباً وذليلاً تحت سطوة المواجهة القوية من الشعب لفلوله، انطلق الدعم السعودي في كل اتجاه سياسياً واقتصادياً، دفاعاً عن دولة شقيقة وشعب شقيق يستحقان ذلك من المملكة.
* *
فلا يكاد يمر يوم دون تصريح داعم لسوريا من ولي العهد، ومن لقاءات متواصلة لوزير الخارجية مع نظرائه في الدول المؤثِّرة من أجل تجاوز التحديات التي يواجهها النظام الجديد، وبينها منع الاعتداءات الإسرائيلية، والتدخل الإسرائيلي في شؤون البلاد الداخلية.
* *
ولا أدل على حجم الدعم والمساندة لسوريا من نجاح الأمير محمد بن سلمان في جمع رئيس سوريا أحمد الشرع بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وإقناعه برفع العقوبات عن سوريا، حيث أعلن الرئيس الأمريكي من الرياض رفعها استجابة لطلب ولي العهد.
* *
وامتداداً لكل هذا وغيره من مواقف التعضيد والمساندة للنظام الجديد في سوريا، ها هو سمو ولي العهد يوجه وزارة الاستثمار بتنظيم منتدى الاستثمار السوري السعودي 2025 في دمشق، بمشاركة واسعة من القطاعين العام والخاص.
* *
يأتي هذا المنتدى - بحسب وزارة الاستثمار - ضمن حرص المملكة على تعزيز أواصر العلاقات الثنائية مع سوريا، استمراراً لجهود القيادة في دعم سوريا، بما يسهم في استقرارها، وانطلاقاً من الروابط الأخوية والعلاقات التاريخية التي تجمع بين البلدين، وفي إطار الدعم المتواصل الذي تقدّمه المملكة لسوريا.
* *
توجه الوفد أمس إلى سوريا، وبدأت الاجتماعات والتفاهمات والاتفاقيات، كأول دولة تتجه إلى سوريا لدعمها اقتصادياً بهذا الحجم، حتى وسوريا تواجه التحديات بالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، ووجود انقسامات بين بعض مكونات الشعب السوري الشقيق.
* *
مثل هذا التعاون، بهذا الحجم، وبهذا المستوى من التمثيل، وبالمشاركة من القطاع العام والخاص في البلدين، يعزِّز الاستقرار، وهو مفتاح السلام بعد طول المعاناة التي مرَّت بها سوريا مع النظام السابق، وآن الأوان للبدء في معالجة أسباب المحن والتحديات على نحو لا يجعلها تتكرر أو تعود ثانية، وبين هذه المعالجات تأتي بوابة الاقتصاد اعتماداً على رؤى وبرامج وخطط مؤسساتية.