: آخر تحديث

من يعيد التاريخ.. هل نرى أنطوان لحد آخر في الجولان؟!

7
5
5

محمد الساعد

في 3 يونيو من العام 1982، اقترب ثلاثة رجال، عرفوا فيما بعد بـ (حسين غسان سعيد، ومروان البنا، ونواف الروسان) من السفير الإسرائيلي في العاصمة البريطانية لندن «شلومو أرجوف» أثناء دخوله سيارته بعد حضوره مأدبة في فندق دورشيستر في بارك لين، أطلق «حسين غسان سعيد» النارَ على السفير أرجوف في رأسه، لم يُقتل «شلومو أرجوف» لكنه فتح باباً من الحروب والمآسي بقيت لليوم.

ما حصل في العام 1982 لا يزال الشرق الأوسط يكرره بنفس المنطق ويدفع ثمنه لليوم، مع اختلاف الأشخاص وثبات النتائج.

لقد دفع ذلك الحادث إسرائيل إلى غزو لبنان، ومكّنها من احتلال دام لعقدين، وجرت على إثره مذابح دامية أشهرها صبرا وشاتيلا، وخرجت الفصائل الفلسطينية من لبنان آخر نقطة تماس مع إسرائيل، فضلاً عن انقسام حاد في المجتمع اللبناني، ما زالت آثاره لليوم.

كانت إحدى الفصائل الفلسطينية المقيمة في لبنان قد أخذت قراراً منفرداً بالتخطيط وتنفيذ محاولة الاغتيال، وهو ما دفع إسرائيل لتتخذ من ذلك ذريعة لغزو لبنان بقيادة وزير الدفاع حينها إيريل شارون، ليدفع الجميع ثمن ذلك.

لعل المثير أن المجتمع المحلي الشيعي في جنوب لبنان هو أول من استقبل الجنود والدبابات الإسرائيلية بالورود، ونثر الأرز عليهم، فقد كان جزءاً من المكوّن اللبناني خاصة بعض (الشيعة والمسيحيين) يرون في الوجود المسلح الفلسطيني خطراً داهماً عليهم، وما كان الاستقبال الحافل إلا قناعة بأن «شارون» وجيشه هم من سيخلصونهم من الفصائل الفلسطينية.

تلك الزغاريد والأرز والورود تحوّلت إلى وبالٍ عليهم، واحتلال إسرائيلي قاسٍ، فجيش شارون لم يكن في اهتماماته إلا الرد على ما قام به الفصيل الفلسطيني في لندن وكسر شوكة بقية الفصائل، وتأمين حدوده الشمالية من خلال احتلال جنوب لبنان.

لم تكن تلك نزهة كما ظن بعض شيعة ومسيحيي لبنان، بل تحوّل التواجد تحت ظلال الأرز والورود التي نثرت إلى احتلال استمر لأكثر من عقدين، لقد ظن كل من رحّب بشارون وجيشه انهم سينتهون من الفصائل ثم يغادر شارون وقواته إلى معسكراتهم داخل إسرائيل، لكن ذلك لم يحدث حينها، ولن يحدث مستقبلاً في أي تجربة مشابهة.

ليس ذلك فقط ما حصل في لبنان فقد أفرزت الأزمة المستمرة منذ العام 1974 إلى خروج أنطوان لحد من تحت رداء الأقليات ليكتب قصته وقصة مليشياته، التي انخرطت للدفاع عن إسرائيل، وليدير القرى المحتلة نيابة عن الجيش الإسرائيلي.

تجربة سعد حداد وأنطوان لحد؛ ربما تتخلق اليوم في رحم الأزمة الدرزية، مع التذكير أن أنطوان لحد انتهى منبوذاً حتى داخل إسرائيل التي فر إليها بعد انهيار مليشياته، ولم يجد طريقة للعيش سوى بافتتاح مطعم متواضع يسد حاجاته، ولعل الجميع يتذكر كيف كانت نهايته غريباً مريضاً طريداً بلا وطن ولا منفى، بالرغم من كل الخدمات التي قدمها لجيش إسرائيل.

اليوم يرحّب بعض الدروز في سوريا بالهجمات الإسرائيلية ضد دمشق، ويطالب بعض قيادتهم بالتدخل المباشر للقوات الإسرائيلية، السؤال الملح الآن: هل يرتكب دروز سوريا نفس الخطأ الذي ارتكبه شيعة الجنوب اللبناني؟ وهل هناك من سيقوم بدور أنطوان لحد؟ فالإسرائيلي لا يتدخل لخدمة مصالح الآخرين، بل لخدمة مصالحه فقط، وإذا كان التواجد في القرى الدرزية يخدمه فلن يغادر قبل سنوات قادمة، سنوات ستكون صعبة على الجميع.

لقد كانت خيارات الدروز خلال العقود الماضية تحرير أراضيهم في الجولان الأعلى من إسرائيل، واليوم يستدعيه البعض لأراضٍ لم يكن قد احتلها سابقاً، فهل سيأتي اليوم الذي نرى فيه المستوطنات الإسرائيلية وقد بنيت مكان القرى الدرزية، سؤال برسم الألم وبرسم «العقل والحكمة»، التي يتوقع الجميع أن تفرض نفسها على أي دعوات أخرى ربما تدّمر سوريا والشرق كله.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد