إيلاف من الرباط: أعلنت برلمانات 23 دولة إفريقية مطلة على المحيط الأطلسي عن تشكيل تحالف إفريقي طموح، يهدف إلى تحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى فضاءٍ رحبٍ للتكامل والازدهار، وجذب الاستثمارات العالمية، وتعزيز الربط مع مختلف أنحاء العالم.
وأكد رؤساء وممثلو البرلمانات في الدول الإفريقية الأطلسية، في بيان ختامي لاجتماعهم بمجلس النواب المغربي (الغرفة الاولى في البرلمان) الجمعة، دعمهم الكامل لهذا التكتل الإفريقي تحت اسم "مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية"، مؤكدين عزمهم على إعطائه الزخم السياسي اللازم لتسريع تفعيله على أرض الواقع، من خلال مشاريع ملموسة تجسد طموح شعوب القارة في التقدم والاندماج الإقليمي والقاري.
وشدد المشاركون في الاجتماع على ضرورة تحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى فضاءٍ للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي، والازدهار الاجتماعي، والجاذبية الاستثمارية الدولية، وهو ما يتكامل مع مبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس بشأن تمكين بلدان الساحل الإفريقي من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
واستحضر رؤساء برلمانات الدول الإفريقية الأطلسية السياقات الدولية والقارية والإقليمية التي تحيط بالمشروع، ومنها على الخصوص، ما يميز السياق الدولي الراهن من حالات اللايقين، والعودة إلى سياسات الأقطاب، والمحاور والأحلاف الدولية. والتحديات التي تواجهها القارة السمراء، بما في ذلك نزعات الانفصال والنزاعات الداخلية والعابرة للحدود، وما ينجم عنها من تطرف وإرهاب، فضلا عن انعكاسات الاختلالات المناخية على القارة.
وفي المقابل، استعرض المشاركون الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها القارة، ومنها الدول الأطلسية، وخاصة الأراضي الزراعية، والمعادن والموارد الطاقية الاستراتيجية في الصناعات والتكنولوجيات التي يحتاجها العالم.
ويهدف التكتل الجديد إلى تثمين الموارد البشرية الهائلة الواعدة، وما تتوفر عليه القارة من نخب ومؤهلات وكفاءات علمية رفيعة ومهارات في مختلف المجالات، والتي تشكل دعامة أساسية للنهوض الإفريقي. وشددوا على الحاجة الملحة إلى تحويل هذه الإمكانيات إلى قيم مضافة، وازدهار اقتصادي واجتماعي، تلمسه الشعوب الإفريقية وتنخرط في تحقيقه وتتمتع بفوائده.
وأكد المشاركون على أهمية تعزيز انفتاح القارة الإفريقية على باقي الاقتصادات الدولية، إذ جاء في البيان الختامي للاجتماع: "إننا نشدد على أهمية الشراكات العادلة والمتوازنة، والدينامية القائمة على الربح المشترك، والمُحَقِّقة لنهضة إفريقيا من خلال توطين الاستثمارات، ونقل التكنولوجيات والمهارات والمعارف، وتيسير تَمَلُّكها من قبل الكفاءات الإفريقية، بما ييسر لحاق إفريقيا بباقي التكتلات والقوى الاقتصادية الدولية، ويسد الفجوات الصناعية والتكنولوجية والرقمية التي تفصلها عن عدد من الفضاءات الجيوسياسية الأخرى، وبما يحقق، بالأساس، طموح إرساء تعاون جنوب-جنوب".
وطالب التحالف الأطلسي باقي دول العالم باحترام المبادئ الأساسية التي ينبغي أن تحكم العلاقات بين الدول الإفريقية، وبالتحديد احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وسلامة أراضيها،باعتبار كل ذلك الحجر الأساس في العلاقات الدولية.
ويشكل التكتل الجديد رافعة لتعزيز وتقوية "منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية"، وإحدى بواباتها الكبرى نحو العالم، إذ يتوفر على جميع فرص ورافعات النجاح، وخاصة منها الأهمية الاستراتيجية للمحيط الأطلسي بالنسبة لإفريقيا، وما يختزنه الساحل الأطلسي الإفريقي من ثروات، فضلا عن موقعه الجغرافي المتميز، وقابليته لاستقطاب استثمارات عالمية لإقامة المنشآت والمشاريع الضخمة، وما يتميز به هذا الساحل من أمن واستقرار وحركة آمنة للأشخاص والبضائع.
وتتطلع الدول الأطلسية إلى أن يمكن هذا المسلسل من تحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى قطب دولي جاذب للاستثمارات والخدمات والسياحة ومنصة للمبادلات الدولية، معتبرين أن مما يزيد من أهمية المسلسل ونجاعته، هو تكامله مع مبادرتين ومشروعين إفريقيين مهمين هما، مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب الذي سيربط 13 بلدًا إفريقيا وأوروبا، وسيشكل شريانا لاقتصاد المنطقة. ومبادرة تمكين دول الساحل الإفريقي من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
ويتيح "التكتل" إطلاق ديناميات كبرى في اقتصادات الدول الإفريقية، وسيساهم في تجهيزها بالطرق والموانئ وباقي المنشآت الأساسية، وفي الخدمات المرتبطة بالدينامية التجهيزية، وما سينتج عن ذلك من انفتاح وتشبيك للمواصلات وربط عصري، بحري وبري وجوي بين هاته الدول، مع باقي دول القارة وبلدان العالم، ومن فرص تشغيل هائلة.