: آخر تحديث

عالم تحت النار

3
3
3

مفتاح شعيب

منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فشل اتصالاته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، دخلت الحرب الدائرة في أوكرانيا طوراً جديداً من التصعيد العسكري، يجعل من التفاؤل بقرب انتهاء هذه الأزمة مجرد سراب يخيم على معركة تزداد تعقيداً مع عودة الولايات المتحدة إلى تزويد كييف بأسلحة نوعية وتكثيف الاتحاد الأوروبي حزم عقوباته على موسكو.

مرور 41 شهراً على تفجر هذا الصراع لم يقربه من نهايته، وقد يزيد من ضراوته في الأسابيع القليلة المقبلة مع انتهاء مهلة الخمسين يوماً التي حددها ترامب لبوتين لإنهاء الحرب. وفي ظل المعطيات الراهنة، فإن هذه المهلة لن تربك الموقف الروسي، وإن الأسلحة الأمريكية لكييف والعقوبات الأوروبية الجديدة لن تغير في المسار العام للصراع، وقد تدفع موسكو إلى خيارات أسوأ، سواء في عملياتها بأوكرانيا أو المواجهة مع القوى الغربية. وقد حذر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف من أن الدفع الغربي لتصعيد الأزمة في أوكرانيا قد يجبر بلاده على الرد وتوجيه ضربات استباقية إذا لزم الأمر. ورغم أن هذا التهديد كرره ميدفيديف كثيراً منذ بدء الحرب، إلا أن طرحه هذه المرة ليس استعراضاً ولا يمكن الاستهانة به في عالم تتأجج فيه الصراعات ويتفشى الغدر والخداع، وأصبحت السياسة الدولية سوقاً مفتوحة للصفقات والحيل، وكل شيء فيها معروض للبيع والشراء بما فيه الثقة والمصداقية ومبادئ القانون الدولي.

ترامب الذي وعد وتعهد بإنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا في لمح البصر بعد انتخابه، سيصبح أكبر الخاسرين إذا استمر واتسع. كما أن المهلة، التي منحها لبوتين، مشكوك في جدواها لأن روسيا ليست في وارد تقديم تنازلات ولن تضحي بمكاسبها وإنجازاتها، وكل خسائرها، من أجل أن تبرم صفقة مع رئيس يسوق نفسه على أنه صانع سلام يلاحق جائزة نوبل، ولكي يستفيد من إنهاء الحرب بمكاسب اقتصادية وتجارية وابتزاز للدول الأوروبية التي وجدت نفسها بلا حول ولا قوة في مواجهة موسكو من دون دعم واشنطن. وأغلب الظن أن مهلة الخمسين يوماً ستنقضي دون أن يتحقق الهدف منها، وقد يضطر عندها ترامب إلى البحث عن مخرج آخر من هذا المأزق.

الغرب، الذي لا يريد التنازل عن كبريائه، يعزو الصراع إلى أطماع روسية في «الجارة الصغيرة» أوكرانيا، ويتجاهل مطالب موسكو واستحقاقات أمنها القومي، بفعل توسع حلف شمال الأطلسي «الناتو» وخيانة التعهدات التي أبرمت في تسعينات القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة. وبناء على هذه الخلفية، فإن المواجهة الدائرة تتجاوز حدود أوكرانيا، وقد لا تتوقف عندها إذا استمر إنكار الدوافع الحقيقية للصراع، الذي لا يعد أزمة إقليمية عابرة، بل مواجهة عالمية تدور في كل القارات اليوم والمحيطات وحتى في الفضاء، وما يبدو مستبعداً أو مجرد خيال قد يكون أمراً واقعاً غداً، وهو المواجهة الشاملة التي لا تبدو مستبعدة على الإطلاق في ظل السقوط المدوي للنظام الدولي في أكثر من ميدان.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد