: آخر تحديث

النظرة الشرعية

4
3
3

حتى اليوم لم يقم أساتذة علم الاجتماع وأقسام علم الاجتماع في جامعاتنا بدورهم في بحث أسباب عزوف الشبان والشابات عن الزواج، ذلك أن الأبحاث والدراسات في جامعاتنا مازالت أهدافها أنانية تهدف للترقية الأكاديمية فقط، لذا فهي سطحية جداً وغير متعمقة، ولا تتناول مشكلاتنا الاجتماعية ولا الصحية ولا الاقتصادية بشمولية وأمانة وعمق، رغم أن الدولة -أعزها الله- شجعت هذا الجانب وتدعمه بجوائز الأبحاث، وحتى معوقات الزواج ذللتها، كما سوف أورد في هذا المقال، ولكن ثمة أسباب للعزوف لم نعرفها بعد، وتحتاج لدراسة وبحث عميقين.

الوطن بكافة مؤسساته الحكومية والخيرية والخاصة يشجع على الزواج بتذليل صعوبات تملك السكن، وتنظيم مسارات وإجراءات الإيجار، والدعم المالي والعيني لراغبي الزواج، عبر برامج إعانة الزواج من الجمعية الخيرية للمساعدة على الزواج (تيسير الزواج)، وعبر صندوق الزواج التابع للضمان الاجتماعي أو عبر الجمعيات الأهلية تحت إشراف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وقرض الزواج من بنك التنمية الاجتماعية، وقروض ميسرة من بعض البنوك، إلى جانب الجمعيات الخيرية المتخصصة في الزواج، أي أن التوجه العام وطنياً يشجع على الزواج أكثر من أي وقت مضى، وأكثر بكثير مما مر على جيلنا مثلاً، وأعني جيل الثمانينات الميلادية، فلا عذر لجيل اليوم إلا ما قد تكشفه الدراسات والأبحاث التي أطالب بها.

في جيلنا (أواسط الثمانينات الميلادية) أصدر الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- أمراً بصرف مبلغ خمسين ألف ريال لكل خريج جامعي إعانة على ظروف حياته بعد التخرج، ولا شك أن الزواج هو أهم ظروف حياة الشاب، وتم صرف المبلغ لكل خريج بعد عام 1400هـ، إلا أن اجتهاد أو تعنت مدير شؤون الموظفين في إحدى الجامعات آنذاك، جعله يقرر من نفسه أن من عيّن معيداً في الجامعة وحصل على بدل سكن لا يصرف له ذلك المبلغ أو يخصم منا ما استلمناه كبدل سكن، وفعلاً طبّق هو اجتهاده الذي لا أساس له، وحَرَمنا كمعيدين تخرَّجْنا بتفوق ومعدلات عالية مما حصل عليه زملاؤنا الذين تخرجوا بتقدير مقبول وتعينوا في جهات أخرى، (لم نسامح ذلك المدير أبداً فقد ظلمنا بتعنته)، أما جيل اليوم فإن القرارات والإعانات يصاحبها لوائح تنفيذ واضحة حاسمة لا تقبل أي اجتهادات حاسدة ولا خاطئة، فلا عذر أيضاً لجيل اليوم.

أيضاً في جيلنا (جيل أواسط الثمانينات) ومن قبلنا كانت النظرة الشرعية للمخطوبة شبه مستحيلة، بل كان الواحد منا لو تجرأ وذكر لوالد البنت على استحياء وخوف أمر النظرة الشرعية (كنا نسميها الشوفة الشرعية) -أقول لو ذكرها للأب- فإنه يقولها ويداه على خديه خوفاًَ من صفعة خاطفة، أما جيل اليوم فأمرهم سهل يسير، فقد تحولت النظرة الشرعية إلى نظرة شارعيّة، فبعضهن أو قلة منهن يمكنه أن يراها في السوق أو المقهى أو وهي تسير في الشارع، والغالبية العظمى ترحّب بالنظرة الشرعية في المنزل، بل تؤيدها، وتقيم له وليمة، فلا خوف عند طلبها ولا حاجة لوضع اليد على الخد، فلا عذر لهذا الجيل.

لا عذر أيضاً لجامعاتنا في عدم بحث الأسباب الحقيقية لعزوف الشبان والشابات عن الزواج، وأقترح أن نحدد الأبحاث التي يجب على الأستاذ الجامعي عملها بناء على احتياجات المجتمع، ونشدد الرقابة على مسار البحث لنضمن صدق النتائج، وأن تكون الأبحاث وطنية خالصة لا دور فيها لمساعدة باحث أجنبي، فما حك جلدك مثل ظفرك، وما شخّص مشكلاتك مثل بحثك، فتولّ أنت كل أمرك.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد