الأمن مسؤولية الجميع، والكلمة الصادقة، أو الاتصال في الوقت المناسب، أو البلاغ الأمين، قد تفتح بابًا للسلامة، أو تغلق منفذًا للخطر. ونحن -كمجتمع- بحاجة إلى أن نكون جميعًا يدًا واحدة وقلبًا واحدًا مع وطننا، فلا نتردد في اتخاذ الموقف الصحيح حين يستدعي الأمر..
في كل مجتمع يسعى إلى الاستقرار والازدهار، تبقى نعمة الأمن الركيزة الأهم والأساس المتين الذي تُبنى عليه الحياة الكريمة. والأمن لا يتحقق بجهود الأجهزة الأمنية وحدها، بل هو مسؤولية مجتمعية مشتركة تتطلب وعي الأفراد وتعاونهم المستمر.
إن مفهوم "الأمن مسؤولية الجميع" يتجاوز كونه شعارًا مرفوعًا في الحملات التوعوية؛ فهو ثقافة وسلوك يومي يعكسه المواطن والمقيم في تعامله مع من حوله. ويكمن دور الأفراد في عدة صور، منها الالتزام بالأنظمة والقوانين، والتبليغ عن أي نشاط مشبوه أو مخالف، ونشر الوعي بأهمية المحافظة على الأمن، وتجنب نشر الشائعات التي قد تثير البلبلة.
في عالم يشهد تطورات متسارعة وتحديات أمنية متنوعة، لم يعد الأمن حكرًا على الجهات الأمنية فحسب، بل أصبح مسؤولية جماعية يتقاسمها كل فرد يعيش على أرض هذا الوطن. من هنا، برزت أهمية التفاعل المجتمعي مع الجهات المختصة، خاصة عبر الإبلاغ عن أي نشاطات مخالفة تمس أمن المجتمع واستقراره.
وفي زمن تزايدت فيه التحديات الأمنية وأساليب الجريمة، أصبح التعاون مع الجهات الأمنية مطلبًا وطنيًا وأخلاقيًا. فالإبلاغ عن أي خطر لا يُعد تدخلًا في شؤون الآخرين، بل هو صورة من صور الولاء والانتماء، وهو ما تعتمده وزارة الداخلية في مبادراتها التوعوية، لتؤكد أن سلامة الوطن تبدأ من وعي المواطن.
وفي هذا السياق، تواصل وزارة الداخلية السعودية بث رسائلها التوعوية تحت وسم #لأمنكم_وسلامتكم، مؤكدة أن الإبلاغ عن أي نشاطات مخالفة يُعد من أبرز صور التفاعل المجتمعي، ومن أهم سُبل الوقاية من الجريمة والممارسات الضارة بالمجتمع.
وتُولي الوزارة أهمية خاصة لحماية المُبلّغين، مؤكدة أن جميع البلاغات -أياً كان نوعها- تُعامل بسرية تامة، دون تحميل المُبلّغ أي تبعات قانونية، بما يضمن سلامته ويحفزه على أداء دوره المجتمعي بطمأنينة.
وتشمل المخالفات محل الاهتمام كل ما يمس الأمن الجنائي، أو يرتبط بجرائم المخدرات، أو السلوكيات المسيئة للمجتمع والبيئة، إضافة إلى مخالفات أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.
وليست هذه الرسائل مجرد حملات توعوية تقليدية، بل دعوة مفتوحة لكل مواطن ومقيم ليكون شريكًا فاعلًا في حماية وطنه ومجتمعه، كلٌ بما يملك من تأثير وصوت. فالمبادرة بالتبليغ لا تُعد وشاية، بل وقوفًا مع الحق، وخطوة نحو مجتمع أكثر أمانًا.
إن المبادرة بالإبلاغ عن أي نشاطات مشبوهة أو مخالفات أمنية ليست خيانة للعلاقات الاجتماعية ولا خرقًا للخصوصيات، بل هي وقوف صريح مع الحق، وخطوة واعية نحو بناء مجتمع أكثر أمنًا وأشد تماسُكًا. فحين يُبادر الإنسان بالتبليغ، فإنه يمارس أسمى صور الولاء والانتماء لوطنه، ويُسهم في سد منافذ الفوضى والعبث.
والتوعية بأهمية الإبلاغ الأمني ليست مسؤولية جهة بعينها، بل هي شراكة وطنية متكاملة، متى ما تكاملت أدوارها صنعت مجتمعًا آمنًا، متماسكًا، واعيًا بحقوقه وواجباته، ويتجسد ذلك في تضافر أدوار رئيسية تمثل خطوط الدفاع الأولى:
•الإعلام بما يحمله من رسالة توعوية وتأثير جماهيري، مسؤول عن إيصال رسائل واضحة تدعو للإبلاغ عن كل ما يهدد أمن المجتمع، بعيدًا عن التهويل أو التخويف، بل بلغة تشاركية تحفز المواطن والمقيم ليكونوا شركاء فاعلين.
•الأسرة باعتبارها البيئة الأولى لغرس القيم، يقع عليها واجب التربية على حب الوطن والشعور بالمسؤولية، وتنشئة الأبناء على فهم أن الإبلاغ عن أي مخالفة أو تهديد ليس خيانة، بل موقف وطني شجاع.
•المؤسسات التربوية والتعليمية عليها دمج مفاهيم المواطنة الصالحة والأمن المجتمعي في المناهج والأنشطة الطلابية، وتحفيز النشء ليكونوا عناصر إيجابية تدرك أهمية التبليغ وحماية المجتمع.
•المثقفون والمؤثرون بما يملكون من منابر فكرية وحضور اجتماعي، مطالبون بأن يكونوا صوتًا واعيًا يرسّخ هذه القيم، ويكسر الحواجز النفسية تجاه ثقافة التبليغ باعتبارها عملاً وطنيًا نبيلًا.
إذاً الشفافية والأمن المجتمعي ركيزتين أساسيتين لحياة مستقرة، تبرز أهمية التفاعل الإيجابي بين المواطن والجهات الأمنية، حيث لا تقتصر مسؤولية حفظ الأمن على رجال الأمن وحدهم، بل هي مسؤولية جماعية تستدعي وعيًا ومبادرة من كل فرد. ومسؤولية الأمن مسؤولية مجتمعية، لا تقتصر على الجهات الرسمية وحدها، بل تبدأ من وعي الأفراد واستشعارهم أهمية دورهم، فلكل فرد صوته وتأثيره، ومشاركته في منظومة الأمن تعني مشاركته في صياغة مستقبل وطنه الآمن.
وبذلك، تتحول الرسائل التوعوية إلى دعوات صادقة للتكافل الأمني، ولصناعة وعي جمعي يقوم على أن التبليغ عن كل ما يهدد الأمن ليس مجرد إجراء، بل موقف شجاع وخطوة أولى في طريق مجتمع متماسك، يعلو فيه صوت الحق وتُصان فيه الأرواح والمكتسبات
الأمن مسؤولية الجميع، والكلمة الصادقة، أو الاتصال في الوقت المناسب، أو البلاغ الأمين، قد تفتح بابًا للسلامة، أو تغلق منفذًا للخطر. ونحن -كمجتمع- بحاجة إلى أن نكون جميعًا يدًا واحدة وقلبًا واحدًا مع وطننا، فلا نتردد في اتخاذ الموقف الصحيح حين يستدعي الأمر. ومع التسهيلات التي وفرتها وزارة الداخلية وخطوط البلاغات وخدماتها الإلكترونية، لم يعد هناك عذر للتقاعس عن أداء هذا الواجب الوطني والإنساني.
لأمنكم وسلامتكم.. لا تترددوا.