إيلاف من الرباط: تباينت مواقف أعضاء مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) بخصوص طرق إعادة إصلاح وهيكلة المجلس الوطني للصحافة والنشر.
ففي جلسة تشريعية عقدت مساء الثلاثاء، صادق المجلس، بالأغلبية، على مشروع هذا القانون، وسط جدل سياسي بين فرق الأغلبية والمعارضة بشأن استقلالية المجلس وطريقة تشكيله، إذ صوت لصالح المشروع 87 عضوا، بينما رفضه 25 نائبا برلمانيا، دون تسجيل أي امتناع،
وفي عرضه لمضامين المشروع، اعتبر وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، أن القانون الجديد لا يندرج ضمن "إصلاح شكلي أو تقني"، بل يشكل محطة أساسية لإعادة صياغة العلاقة بين حرية الصحافة والتنظيم الذاتي، مؤكداً أن المجلس الوطني للصحافة والنشر هو "أداة مؤسساتية لضمان استقلالية المهنة وتكريس التعددية وفق مبادئ الدستور". وأشار إلى أن المشروع الجديد "يسعى إلى تجاوز اختلالات التجربة السابقة، من خلال إدخال تعديلات على تركيبة المجلس وآليات انتخاب أعضائه، خصوصاً عبر إحداث لجنة إشراف مستقلة تتولى تنظيم الانتخابات بشكل محايد، بالإضافة إلى إدراج نظام اقتراع جديد استجابت من خلاله الحكومة لطلبات الجسم المهني".
من جهتها، ثمنت فرق الأغلبية (المساندة للحكومة)، والتي تتشكل من نواب برلمانيين ينتمون لأحزاب "التجمع الوطني للأحرار" و"الأصالة والمعاصرة" والاستقلال" و"الاتحاد الدستوري"، تصور الحكومة للإصلاح المرتقب ادخاله على المجلس الوطني للصحافة والنشر. واعتبرت، أثناء المناقشة التي تسبق عملية التصويت، أن مشروع القانون يُعد خطوة في اتجاه "تحصين التنظيم الذاتي وتدعيم المؤسسات التمثيلية"، كما يوفر إطاراً قانونياً يسمح للمجلس بأداء أدواره بشكل فعال في ما يتعلق بتقنين المهنة، وتطوير آلياتها، والدفاع عن استقلالية الصحافيين.
وركزت مداخلات نواب الأغلبية على أهمية القانون في استكمال البناء المؤسساتي للمشهد الإعلامي الوطني، خصوصاً بعد فترة من التمديد القانوني الاستثنائي لوضعية المجلس، وهو ما اعتُبر "خللاً كان من اللازم تصحيحه".
ورأت الأغلبية في المشروع رافعة لتحسين تصنيف المغرب في المؤشرات الدولية المتعلقة بحرية الصحافة، من خلال تقوية الضمانات القانونية، وربط التنظيم الذاتي بتدخل القضاء كضامن للحقوق والحريات.
المعارضة: التمثيلية غير متكافئة
لكن المعارضة كانت لها قراءة مغايرة، إذ عبّرت فرق أحزاب "الاتحاد الاشتراكي" و"الحركة الشعبية" و"التقدم والاشتراكية" عن رفضهم لما وصفوه بـ "تغليب منطق التعيين وتقليص سلطة الجسم المهني"، من خلال اعتماد معيار رقم المعاملات في انتداب الناشرين، مقابل انتخاب الصحافيين، معتبرين أن هذا الاختيار "يضرب مبدأ العدالة والتمثيلية المتكافئة".
كما حذرت المعارضة من تغييب البعد الجهوي في إعادة هيكلة المجلس، بعد التراجع عن النظام الانتخابي الموحد الذي كان يضمن تمثيلاً أكثر توازناً. ورأت في المشروع خطوة نحو "إعادة إنتاج نفس الإشكاليات التي عطلت عمل المجلس خلال ولايته السابقة، بدل معالجتها جذرياً".
ونبّهت فرق المعارضة إلى أن إعادة هيكلة المجلس يجب ألا تقتصر على البنية القانونية، بل أن تتسع لتشمل معالجة الأوضاع الاجتماعية الهشة للصحافيين، وتحقيق التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية المهنية، في ظل ما وصفوه بـ"الضغوط المتزايدة التي يعرفها القطاع".