إيلاف من الرباط: في مشهد أثار الكثير من علامات الاستفهام، جرى التصويت على مشروع قانون المسطرة الجنائية بمجلس النواب المغربي، وسط غياب جماعي لنواب الأمة، حيث لم يحضر الجلسة سوى 62 نائبا من أصل 395، بينهم 47 من الأغلبية و15 من المعارضة، فيما غاب 333 نائبا. وعبّر رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، في ختام الجلسة التي شهدت المصادقة النهائية على مشروع القانون، عن أسفه العميق لاستمرار ظاهرة الغياب داخل المؤسسة التشريعية، معتبرا أن هذه السلوكيات تسيء لصورة المجلس أمام الرأي العام.
وقال العلمي: “موضوع غياب البرلمانيين هو موضوع شائك، ولم نتمكن من ضبطه. استمرار الغياب يطرح تساؤلات جدية حول الالتزام السياسي والأخلاقي لبعض النواب، الذين لا يحضرون سوى في لحظات متفرقة، ولا يساهمون بالشكل المطلوب في النقاشات التشريعية والرقابية”.
وأضاف أن هذه الظاهرة تضرب في العمق مصداقية العمل البرلماني وتُضعف من فعاليته في أداء المهام التشريعية والرقابية الموكولة إليه.
وزير العدل: خطوة تشريعية بارزة نحو إصلاح العدالة
من جهته، اعتبر وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، أن المصادقة على قانون المسطرة الجنائية تمثل “خطوة تشريعية بارزة”، مشيرا إلى أن النص الجديد يُعد لبنة أساسية في ورش إصلاح العدالة الشامل.
وأكد وهبي أن هذا المشروع يكرّس مقاربة حقوقية تعزز ثقة المواطن في القضاء، وتسعى لتحقيق التوازن بين ضرورة مكافحة الجريمة وصون الكرامة وحقوق الإنسان. وقال الوزير: “اعتماد هذا النص يُعد تتويجاً لمسار مؤسساتي ومجتمعي تشاركي، شاركت فيه السلطة التشريعية والتنفيذية، ومكونات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية والمهنية”.
ويروم النص الجديد إلى توسيع اللجوء إلى بدائل الاعتقال الاحتياطي، وتعزيز الرقابة القضائية، وتطوير حماية الضحايا والشهود، إلى جانب إدماج الوسائل التكنولوجية الحديثة في المسطرة الجنائية.
قوانين داخلية صارمة… ولكن!
ورغم وجود مقتضيات تنظيمية واضحة داخل النظام الداخلي لمجلس النواب، إلا أن فعاليتها تبقى محدودة أمام ظاهرة الغياب المستفحلة. إذ تنص المادة 147 على إلزامية حضور النواب للجلسات العامة وأشغال اللجان، بينما تُعالج المواد من 148 إلى 151 حالات الغياب غير المبرر، وتعتبره “إخلالاً بواجبات العضوية”.
وتتيح المادة 150 اقتطاع جزء من التعويضات الشهرية للنواب المتغيبين، مع إمكانية نشر أسمائهم على الموقع الرسمي للمجلس، أو في الجريدة الرسمية، وحتى في وسائل الإعلام العمومية.
لكن، وعلى الرغم من هذه الإجراءات، فإنها لم تحقق النتائج المرجوة في الحد من الظاهرة، ما يفرض – وفق متابعين – مراجعة أكثر صرامة للنظام الداخلي، وربما إقرار إجراءات تأديبية أكثر ردعًا في الدورات التشريعية المقبلة.