: آخر تحديث

من الموانئ إلى الأسواق

3
3
2

تتحول المملكة العربية السعودية اليوم إلى محور رئيس في حركة التجارة الدولية، بعد أن حققت قفزات غير مسبوقة في تطوير قطاع الخدمات اللوجستية، وهو أحد القطاعات الإستراتيجية التي تُشكل العمود الفقري للاقتصاد العالمي.

تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإشراف مباشر من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- تسير المملكة بخطى واثقة نحو تحقيق مستهدف الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، التي تهدف إلى جعل المملكة ضمن أفضل 10 دول عالميًا في مؤشر الأداء اللوجستي بحلول عام 2030.

وقد بدأت ثمار هذه الرؤية تتجلى بوضوح، حيث تقدمت المملكة 17 مرتبة في مؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي لعام 2024، لتحتل المرتبة 38 عالميًا بعد أن كانت في المرتبة 55.

ويأتي هذا التقدم نتيجة حزمة من المبادرات التي أطلقتها الهيئة العامة للنقل وهيئة الموانئ السعودية (موانئ) والهيئة العامة للطيران المدني، والتي أسهمت في رفع كفاءة الموانئ وتسهيل حركة البضائع والركاب عبر منظومة رقمية متكاملة.

فقد أعلنت هيئة الموانئ في يونيو 2025 عن ارتفاع حجم المناولة في الموانئ السعودية إلى 10.6 ملايين حاوية قياسية خلال عام 2024، وهو أعلى رقم في تاريخ الموانئ الوطنية، بنسبة نمو بلغت 17 % عن العام السابق.

كما شهد ميناء جدة الإسلامي قفزة كبيرة في كفاءة العمليات، محققًا رقمًا قياسيًا في زمن بقاء الحاويات لا يتجاوز 3.5 أيام فقط، مقارنة بمتوسط عالمي يتراوح بين 6 إلى 8 أيام، مما جعله واحدًا من أسرع الموانئ العالمية في دورة المناولة.

وفي الجو، تعمل الاستراتيجية الوطنية للطيران المدني على رفع عدد الوجهات الدولية إلى 250 وجهة بحلول عام 2030، وزيادة طاقة النقل الجوي إلى 330 مليون مسافر سنويًا، بما يعزز من مكانة المملكة كمركز محوري يربط القارات الثلاث: آسيا، إفريقيا، وأوروبا.

هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا التوجيه المباشر من سمو ولي العهد الذي أطلق البرنامج الوطني للتنمية الصناعية والخدمات اللوجستية (NIDLP)، الذي يهدف إلى جعل المملكة مركزًا عالميًا للربط اللوجستي والصناعي، وجذب الاستثمارات النوعية في النقل والبحرية والطيران وسلاسل الإمداد.

وفي إطار هذا التوجه، وقّعت المملكة خلال عام 2025 أكثر من 60 اتفاقية دولية في مجال النقل والخدمات اللوجستية مع دول آسيا وأوروبا، لتعزيز الشراكات التجارية وتطوير الممرات الاقتصادية الجديدة، وفي مقدمتها الممر الاقتصادي الهندي - الشرق الأوسط - أوروبا (IMEC) الذي يُتوقع أن يغيّر خريطة التجارة العالمية في العقد المقبل.

إن ما تشهده المملكة اليوم من تطور نوعي في قطاع النقل والخدمات اللوجستية يُمثل أكثر من إنجاز اقتصادي؛ إنه تحول استراتيجي في بنية الاقتصاد الوطني، يربط الإنتاج بالصادرات، والموانئ بالأسواق، والفرص بالتنمية.

وفي ضوء هذه الإنجازات، لا يسعنا إلا أن نعبّر عن فخرنا وامتناننا لقيادتنا الرشيدة، خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين، اللذين جعلا من رؤية 2030 خريطة طريق تعيد تموضع المملكة على الساحة الاقتصادية العالمية.

لقد كانت المملكة تاريخيًا قلب العالم الإسلامي، وهي اليوم تتحول إلى قلب العالم التجاري، حيث تلتقي القوافل في أرضٍ صنعت طريق الحرير الجديد، وتُبحر منها السفن نحو مستقبلٍ يكتب فيه السعوديون فصولًا جديدة من الريادة والنماء.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد