: آخر تحديث

مجاعة غزة.. وصمة عار للإنسانية

3
2
2

حمود أبو طالب

ما يحدث في غزة جريمة إنسانية مكتملة الأركان وغير مسبوقة في التأريخ الحديث للعالم، الذي يُفترض أن لديه الآن مرجعيات قانونية تحمي البشر المدنيين الأبرياء من التنكيل والبطش الذي يصل إلى حد حرمانهم من الطعام والماء والدواء. العالم كله يشاهد منذ فترة طويلة ما يفعله جيش الاحتلال الإسرائيلي بالمشردين من أهل غزة، لكن للأسف الشديد كأن ما يحدث ليس كافياً لإيقاظ الضمائر الخامدة التي تشكل أبشع تواطؤ مع آلة عسكرية غاشمة، تديرها عصابة تمارس كل بشاعاتها بحرية كاملة.

المجاعة بتعريفها الحرفي وصلت حداً غير مسبوق في غزة، لأن جيش الاحتلال يمنع وصول الغذاء إلى الجميع دون استثناء. بل ويطلق الرصاص الحي على الملهوفين الذين يتزاحمون للحصول على رشفة حساء أو كسرة خبز. أعداد القتلى من الجوعى تتزايد كل يوم، ومن لم يقتله الرصاص خلال التزاحم من أجل اللقمة وشربة الماء، يموت في العراء من الجوع والجفاف. المصادر الطبية لما تبقى من المستشفيات العاملة في غزة تؤكد أن موتى المجاعة يتكاثرون بشكل لا يمكن أن يتخيله عقل، المنظمات الإغاثية تحذر منذ وقت طويل من المجاعة المتوقعة بسبب وقوف الجيش الإسرائيلي حائلاً دون وصول المساعدات. منظمة الصحة العالمية أكدت قبل يومين تكرار الجيش اقتحام مستودعها الرئيسي واحتجاز طاقمها لمنع حصول المنكوبين على الغذاء والدواء. كل هذا يحدث والاهتمام منصرف إلى مفاوضات الهدنة المتعثرة، والجدل السياسي والمماحكات اللعينة للطرف الإسرائيلي.

هدنة من أجل مَن إذا كان الشعب المعني بالأمر يفنى تدريجياً بالرصاص والتجويع. ومتى كانت الهياكل العظمية الجائعة تشكل خطراً على جنود عتاة مدججين بأحدث الأسلحة الفتاكة كي تستمر هذه الإبادة لشعب أعزل يموت أطفاله وكباره بسبب حصار تجويعي تصاحبه زخات البنادق الرشاشة. مفاوضات الهدنة، مجرد هدنة فقط، لم تصل إلى نتيجة لحد الآن، فما بالكم باتفاق لوقف النار وإمكانية التأسيس لسلام. هذا ما تريده إسرائيل كي تستمر في إبادتها لشعب غزة، وربط إيقاف الإبادة بأي مسار سياسي جريمة في حد ذاته، يتحمل وزرها بالإضافة لإسرائيل كل الرعاة الدوليين الذين يشاهدون تقارير الموت في أبشع صوره من غزة كل يوم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد