«إيلاف» من الرباط: في خطوة أراد منها تسليط الضوء على ما يتعرض له مهاجرون أفارقة، من دول جنوب الصحراء من عنصرية تمارس بحقهم من طرف مواطنين مغاربة، قام سعد عبيد، ناشط مغربي في"السوشل ميديا"، بإنجاز فيديو تحسيسي من قلب العاصمة السنغالية دكار.
جسد الشاب دور متسول في شوارع العاصمة، تقطعت به السبل، ليجد نفسه وحيدا دون سكن أو عمل يمكنه من تأمين مورد للعيش بكرامة، و ذلك بغية معرفة رد فعل المواطنين و مدى تجاوبهم مع حالته الإنسانية، فضلا عن رغبته في رصد شعور هؤلاء المهاجرين الذين يلجؤون للمغرب، سواء كبلد عبور أو استقرار، ولا يجدون مفرا من التسول لتأمين حاجياتهم اليومية.
تصرفات مشينة
يقول سعد عبيد ، في اتصال مع"إيلاف المغرب":" الفكرة راودتني حينما عاينت أشخاصا على مقربة من شارع الولفة، بمدينة الدار البيضاء، حيث أقطن، يقومون بكتابة لافتات، يدعون من خلالها إلى عدم كراء منازل للمهاجرين الأفارقة، و ما حز في نفسي بشكل كبير هو الطريقة التي تصرفت بها سيدة، حينما كان أحد الأفارقة يقوم بالتسول في الإشارة الضوئية، لتقوم بفتح نافذة سيارتها والبصق عليه بطريقة مقرفة ومستفزة للغاية، و هي أمور حمستني لتناول موضوع العنصرية، علما أن وجود حالات مماثلة لا ينفي ما يتصف به المغاربة من مميزات إيجابية، كشعب يتسم بالكرم والضيافة وتقبل الآخر".
و من ضمن العوامل التي شجعته على خوض التجربة خارج حدود الوطن، مستعينا بكاميرا خفية، لإضفاء نوع من الجدية والمصداقية على الموقف، هو تسجيل حوادث عنصرية ضد المهاجرين الأفارقة بكل من مدينة فاس (مقتل حارس ليلي على يد مهاجرين أفارقة بهدف السرقة) والدار البيضاء (شغب و مواجهات مع قاطني إحدى الأحياء السكنية) بالمغرب.
و أفاد عبيد أن قيام البعض منهم بأعمال شغب أو إجرام مثلا، لا يعني أن يكون الشعب المغربي برمته فكرة سيئة عن هؤلاء المهاجرين، خاصة أن الخير والشر يوجد في كل بقاع العالم.
تقدير المغرب
و حول إمكانية تكوين المواطنين السنغاليين لفكرة سلبية عن تعامل المغاربة من وراء هذا الفيديو، خاصة من لم تتح له الفرصة لزيارة البلد والتعرف على مواطنيه عن قرب، قال عبيد إنه كان يوضح لهم عقب تسجيل الشريط، أن الأمر تمثيلي فقط، الغاية منه التحسيس بمعاناة الأفارقة خارج بلدانهم الأصل، مع ذكر الحادثتين السابقتين من أجل وضعهم في الصورة، و هو ما جعلهم ينوهون بالفكرة ويتقبلونها بشكل إيجابي و جيد، خاصة أنهم كانوا يعبرون عن تقديرهم للمغرب و علاقة الأخوة التي تجمع المملكة مع باقي الدول الأفريقية.
و عن الصعوبات والمشاكل التي اعترضته أثناء القيام بهذه التجربة الفريدة، أكد عبيد أنه كان متخوفا من ردة فعل متسولين سنغاليين، و هم يعاينون شخصا أجنبيا أبيض البشرة يحاول أن يقتحم مجالهم وينافسهم في لقمة العيش، و صرح أن هناك من قدم له يد المساعدة بمنحه بعض النقود، وهناك من لم يستجب لطلبه، مع العلم أنه كان يقدم نفسه كشخص غريب عن البلد ومحتاج لمساعدة عاجلة من طرف المواطنين، وذلك في الفيديو الذي نشره نهاية الأسبوع الماضي عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
ردود متفاوتة
و اعتبر الشاب المغربي الذي ينشط كفاعل جمعوي في مجال البيئة، أن ردود فعل المغاربة بعد نشر الفيديو كانت متفاوتة، بين من يثني على العمل ومن ينتقد وجود الأفارقة من دول جنوب الصحراء بالمغرب، على اعتبار أنهم سيحدون من فرص البعض في الحصول على وظيفة.
يضيف قائلا"الأرقام تفيد بوجود ما بين 15 و20 ألف مهاجر أفريقي بالمغرب، فكيف يعقل أن يقوم هذا العدد بمنافسة المواطنين المغاربة على سوق العمل وهم يقدرون بـ33 مليون مواطن مغربي، هذا هو التخلف الذي يطرحه البعض، عبر الترويج لأفكار مغلوطة لا أساس لها من الصحة".
و بشأن أعماله المستقبلية في عالم الويب، أشار عبيد إلى انشغاله بإنجاز فيديو ثان يعتبر تكملة للفيديو الأول حول العنصرية، لكن بطريقة مخالفة، حيث سيتم تصويره في المغرب، من خلال تقديم صور إنسانية، توثق للمعاناة اليومية التي يعيشها المهاجرون، خاصة أنهم سبق وأن عاشوا ظروفا قاسية في بلدانهم، سواء بفقدانهم لأقارب لهم في عمليات إرهابية، كما حصل لشخص من نيجيريا، تعرضت عائلته للقتل على يد جماعة بوكو حرام، أو من خلال مشاهد من معيشهم اليومي في المغرب.
و أضاف أنه بصدد التحضير لأربع فيديوهات، تتناول مظاهر مجتمعية مغربية بالأساس، حول مواضيع النظافة و سيارات الإسعاف و ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن موسيقى الراب، في غياب تمويل خارجي يدعم الأعمال التي يقوم بها منذ 7 سنوات.