: آخر تحديث

جيل اليوتيوبرز.. ومهارة الخطابة!

6
6
6

لم يعد حلم الطفولة لدى جيل اليوم محصورًا في أن يكون طيّارًا أو طبيبًا أو رائد فضاء، بل بات كثير من الأطفال يحلمون ببراءة بأن يكونوا "يوتيوبرز" أو مدوّنين أو صنّاع محتوى، في انسجام طبيعي مع بيئتهم الرقمية التي وُلدوا وتربّوا فيها، وأصبحوا جزءًا منها لا كمستخدمين فقط، بل كمنتجين أيضًا.. ولعلّ استطلاع "كاسبرسكي" الذي نشرته صحيفة "الرياض" مؤخرًا، يؤكد هذا التحوّل؛ إذ أشار إلى أن 41 % من الأطفال في المملكة يطمحون إلى احتراف صناعة المحتوى الرقمي مستقبلًا، وأن 42 % منهم بدؤوا فعليًّا في تطوير مدوناتهم الخاصة أو إنتاج محتوى مرئي يُعبّر عنهم، ويعكس اهتماماتهم الشخصية وتطلعاتهم المهنية المبكرة.

لا شك أن هذا الرقم يعني أننا أمام جيل من "المدوّنين الصغار" يستخدم المنصات الاجتماعية بإفراط لا نرضاه، ومن دون وعي وإدراك للحدود والعواقب؛ وليس أمامنا –للأسف– إلا أن نبحث عن كيفية تمكينه وتهيئته لاستخدامها بوعي، وتحويلها من مجرد أداة خطيرة بيد طفل إلى أداة لنشر المحتوى الواعي الذي يحمي صاحبه من الانزلاق إلى الإساءة أو التضليل، ونوجّه هذا الحماس نحو النضج، وهذه الهواية نحو الاحتراف، وألّا نكتفي بالمشاهدة أو الانتقاد، بل نُهيّئ هذا الجيل ليعرف كيف يقول، وماذا يقول، ولماذا يقول؛ وهي ثلاثية الخطابة التي ينبغي أن تدخل الصف المدرسي لا كمادة ثانوية، بل كحاجة حيوية في زمن المنصات المفتوحة، مع ربط هذه الرغبة لديهم برؤية المملكة 2030 لتتحول مهارات الخطابة والتدوين إلى أدوات تخدم الاقتصاد المعرفي، وتفتح أبوابًا لفرص مهنية جديدة، وتساهم في تعزيز الصورة الإيجابية للمملكة عالميًا.

في مقال سابق عن "غياب فنّ الخطابة" وأهميته في مناهجنا الدراسية، دعوتُ إلى تدريس مادة خاصة بفن الخطابة بوصفها مهارة تأسيسية لا تقل أهمية عن القراءة والحساب.. واليوم، تتكرر هذه الدعوة؛ فنحن لا نريد جيلًا متلعثمًا أمام الكاميرا كما هو متلعثم على المسرح وخلال الإذاعة المدرسية، ولا نريده أسير الشهرة المؤقتة أو السطحية وتنازلاتها، بل صانعًا لفكر واضح ومسؤول.. والخطوة الأولى تبدأ من حصة دراسية تُعلّم الطالب كيف يعبّر عن نفسه كما ينبغي، لا كما يمليه "الترند".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد