أتمنى أن تصنف من "باب الحماسة" الدعوة التي أطلقها الشيخ حكمت الهجري لانفصال السويداء عاصمة جبل العرب عن الدولة الأم سوريا. فالرجل الذي يفاخر بأنه قاد ملحمة الدفاع عن الأرض والعرض في مواجهة المجاميع الإلغائية التكفيرية ضمن الحكومة الانتقالية، لا يمكن إلا أن يكون في صدارة المدافعين عن الهوية السورية والعربية والإسلامية.
ثمة مطالب، مسلمات، تنادي بها السويداء، في طليعتها إطلاق المختطفات والمختطفين، ومحاسبة مرتكبي الجرائم، فضلًا عن فك الحصار عبر فتح المعابر الإنسانية كي يبقى شريان الحياة سوريًا عربيًا إسلاميًا متسامحًا.
في المقابل، ثمة ثوابت، مسلمات أيضًا، أبرزها أن جبل سلطان باشا الأطرش عمقه سوري وبعده عربي إسلامي، ولن تتمكن حفنة ضالة، مهما كان حجم إجرامها، انخرطت في صفوف الحكومة الانتقالية من أن تقتلع هوية الجبل.
إنَّ مشاهد الردة على العروبة التي شاهدناها بتدنيس صورة سلطان باشا الأطرش مؤلمة للغاية. ولكن الانفصال سيكون أكثر إيلامًا، وهو كمن يوجه طعنة مزدوجة لتاريخ جبل السلطان العربي.
من حق أبناء جبل العرب أن ينعموا بالأمان والعيش الكريم، ومن حق سوريا الوطن الأم أن تنعم بأبنائها من كافة المكونات. وإذا كانت الحماسة في حماية الأرض والعرض تسجل انتصارًا آنيًا، فإنَّ الحماسة غير المحسوبة في المعترك السياسي قد تكلف الأجيال أثمانًا باهظة. مهما قست الظروف، في التحولات السياسية الكبرى تظهر أهمية الحذر من الانجرار في لعبة الأمم.
اليوم، السويداء بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى دفء الحضن العربي والإسلامي. بحاجة إلى وقفة إنسانية أممية، وإلى إجراءات عملانية تزيح شبح الانسلاخ.
من هنا تأتي أهمية مد جسور التلاقي العربي مع السويداء لسبر أغوار الحقائق وضمان عدم تكرارها، وأيضًا وأيضًا لقطع الطريق أمام وهم الانفصال.
الشرق الأوسط في طور إعادة تشكيله وفق منطق وقواعد "الفتوة". وكما أسقطت سويداء سلطان باشا الأطرش مخططات المجاميع الضالة الإلغائية التي أرادت النيل من وحدة مكونات بلاد الأربعين حضارة، فإنها قادرة على إسقاط مؤامرة تفتيت سوريا الدولة العربية العادلة والجامعة.