عندما يقع حدث سياسي ضخم في فرنسا، يبدو وكأنه جزء من حياتنا أيضاً. منذ استقلال الجزائر، وبروز التجمع الإسلامي الذي نتج عنه، تداخلت شؤون كثيرة في حياة الفريقين حتى بدت أحياناً شأناً داخلياً. إسقاط حكومة المسيو فرنسوا بايرو أمس بأكثرية 364 نائباً. ليس مجرد تغيير حكومي آخر. هذه هي الحكومة الثانية التي تسقطها الجمعية الوطنية (البرلمان) في عشرة أشهر، أيضاً بأكثرية ساحقة. وإذ تتعمق الأزمة المالية والاقتصادية، يخشى العالم أن تتدهور إلى أزمة سياسية، تؤثر على دور ومكانة الرئيس ماكرون في الحلبة الدولية، وخصوصاً في الشرق الأوسط. وينسق الزعيم الفرنسي مع السعودية في مسائل تتعلق بجوهر المخاض السياسي الراهن، بدءاً بالدولة الفلسطينية، وانتهاء بمسلسل الأزمات اللبنانية، حيث لفرنسا دور تاريخي من المتغيرات.
في الظاهر، يبدو إسقاط رجل وسطي محترم مثل بايرو، على سطح الحياة السياسية. لكنه اختصر المسألة بالقول «لقد كان من السهل التخلص من الحكومة، لكن كيف يمكن التخلص من الحقيقة؟».
والحقيقة التي يتحدث عنها أن ديون فرنسا بلغت 3.35 تريليون يورو، بفائدة ارتفعت منذ عام 2020 من 26 مليار يورو إلى 66 ملياراً في العام. لذلك، قرر بايرو أن الحل الوحيد أمامه هو خفض الموازنة بنحو 44 مليار يورو، فكان أن قامت الدنيا في وجهه.
قال لمعارضيه: «لم تعرف فرنسا موازنة متوازنة منذ 51 عاماً. كل عام تتراكم الديون وتتصاعد الفوائد». لكن الفرنسيين يفضلون عادة الصخب والإضرابات على خصم بعض المكاسب. وهذا ما يخيف الآن:
خريف صعب، وشتاء قاسٍ، وقلق على وضع ماكرون. ففي فرنسا الرئيس هو الدولة، بينما رئيس الحكومة، يمكن أن يقال... بتصويت مهين.