في مسيرة لا تعرف التوقف، تواصل المملكة بناء مستقبلٍ يقوم على اقتصاد المعرفة، مستندةً إلى رؤيةٍ وطنيةٍ وضعتها القيادة الرشيدة لتجعل من الإنسان السعودي المورد الأهم ومحور التنمية، فمن التعليم إلى البحث، ومن الفكرة إلى الابتكار، تسير الخطط بخطى ثابتة نحو اقتصادٍ يقوم على الإبداع والمعرفة، لا على الموارد وحدها.
أطلقت وزارة التعليم والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) برنامجًا وطنيًا لتعليم الذكاء الاصطناعي، يتضمّن إدراج منهجٍ خاصٍ بالذكاء الاصطناعي في المدارس والجامعات بدءًا من العام الدراسي 2025 - 2026، ليستفيد منه أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة في جميع المراحل الدراسية.
وفي الوقت نفسه، يعمل صندوق البحث والتطوير والابتكار (RDI) الذي أُطلق عام 2021 تحت إشراف مباشر من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- على تحويل الأفكار البحثية إلى حلولٍ اقتصاديةٍ مستدامة، بدعم مالي يفوق 6 مليارات ريال سعودي لتطوير منظومة الابتكار في القطاعات الحيوية.
كما أعلنت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (كاكست) في يونيو 2025 عن تأسيس «منصة الابتكار المفتوح» لربط الجامعات ورواد الأعمال بالشركات الكبرى في مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي والتقنيات الحيوية، ما يجعل البحث العلمي جزءًا من دورة الاستثمار والتنمية.
هذه المبادرات ليست منفصلة، بل متكاملة ضمن منظومة وطنية هدفها أن تتحول المملكة إلى قوة معرفية توازي مكانتها الاقتصادية. وتؤكد مؤشرات البنك الدولي أن السعودية باتت من الدول الأعلى إنفاقًا على التعليم والبحث في الشرق الأوسط، بنسبة تفوق 6 % من الناتج المحلي الإجمالي.
إنّ هذا التوجه يعكس إيمان القيادة السعودية بأن رأس المال البشري هو النفط الجديد، وأن الاستثمار في العقل السعودي هو الطريق الأسرع نحو الريادة العالمية. وتتويجًا لهذه الجهود، أطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في عام 2023 الاستراتيجية الوطنية للبحث والتطوير والابتكار، التي تستهدف جعل المملكة ضمن أكبر 10 دول عالميًا في حجم الإنفاق على الابتكار بحلول عام 2040.
إن ما تشهده المملكة اليوم من تسارع في بناء منظومة معرفية متكاملة - من الجامعات البحثية إلى المناهج الحديثة والذكاء الاصطناعي -لم يكن ليحدث لولا دعمٍ مباشر من القيادة الرشيدة التي وضعت الإنسان أولاً، وجعلت من التعليم والعلم عنوانًا لمستقبلٍ سعوديٍ أكثر ازدهارًا.
وبين مختبرات الجامعات وفصول المدارس، تتشكل ملامح اقتصادٍ سعوديٍ جديدٍ لا يعتمد على الموارد، بل على المعرفة.. اقتصاد يصنع الفكرة، ويُصدّر الابتكار، ويُترجم رؤية وطنٍ يؤمن بأن مستقبله يبدأ من عقول أبنائه.

