: آخر تحديث

مسيرة التعاون

1
1
1

تهيّئ المنامة مساحتها السياسية لاستقبال القمة الخليجية السادسة والأربعين، في وقت تتقدم فيه دول مجلس التعاون بخطوات واثقة نحو مرحلة يبنى فيها إطار أكثر نضجًا واتساعًا للعمل الخليجي المشترك، وتفتح عبره آفاق جديدة للتكامل، تعكس متطلبات اللحظة وحجم الدور الذي بات الخليج يؤديه في محيط تتسارع فيه التحولات وتتشابك فيه المصالح. وتتحرك العاصمة البحرينية بكامل طاقتها التنظيمية والسياسية استعدادًا لقمة يتوقع أن تحمل إضافات مهمة لمسيرة المجلس، بالنظر إلى طبيعة الظرف الإقليمي واتساع الملفات التي تحتاج إلى رؤية جماعية تستوعب التغيرات وتعيد ترتيب الأولويات وفق منهج أكثر شمولًا.

وتضع القمة على طاولة النقاش جملة من الموضوعات التي تعكس طبيعة المرحلة وتطوراتها، وتستدعي من دول المجلس مراجعة شاملة لمسارات العمل المشترك في ضوء المتغيرات التي يشهدها الإقليم. ويرتقب أن يمتد الحوار عبر القمة إلى قضايا تفرضها البيئة السياسية والاقتصادية الراهنة، وما تتطلبه من تنسيق أعمق وتصورات أكثر شمولًا لدور الخليج في المرحلة المقبلة، إلى جانب تناول الملفات العربية التي يشكل الموقف الخليجي منها عنصرًا ثابتًا في سياسات المجلس، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية باعتبارها أحد محاور الإجماع الخليجي. ويمثل هذا النقاش مساحة تعاد فيها قراءة الاتجاهات العامة، وتبنى عبره رؤية توفر لدول المجلس القدرة على التعامل مع المستجدات بثقة واتساق في المواقف.

وفي هذا السياق، يأتي دور المملكة العربية السعودية بوصفها القوة التي تشكل محور الحركة داخل منظومة الخليج، بما تمتلكه من ثقل اقتصادي وسياسي ودبلوماسي يمنح القمة قدرة أكبر على بلورة المواقف وتحديد اتجاهات العمل.

فالمملكة، من خلال رؤيتها الاستراتيجية وبرامجها الواسعة في التنمية والطاقة والشراكات الدولية، تدخل القمة بدور يدفع نحو تعميق التكامل، وتوسيع نطاق التعاون، وتعزيز حضور الخليج في الملفات الإقليمية، مع تقديم مقاربات واقعية تتوافق مع طبيعة المرحلة وتحدياتها. وتؤكد مشاركتها في اجتماع المنامة استمرار النهج السعودي الذي يسعى إلى بناء منظومة خليجية أكثر تماسكًا، وتطوير أدوات العمل المشترك بما يعزز قدرة المجلس على التأثير في المشهد الدولي.

وتحمل القمة في المنامة فرصة لإبراز «رؤية الخليج» التي تتبلور اليوم كإطار يجمع بين الأمن والاقتصاد، والتنمية والتقنية، والموقف السياسي والمصالح المشتركة، وهكذا تمثل القمة السادسة والأربعون امتدادًا لمسيرة التعاون التي حافظت على تماسكها لأكثر من أربعة عقود، وتدخل اليوم مرحلة أكثر عمقًا واتساعًا، بما يعزز موقع الخليج كقوة إقليمية تمتلك مشروعها الخاص ورؤيتها الواضحة للمستقبل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد