عبدالعزيز الكندري
«الطريق إلى التنمية يمر أولاً بالتعليم، وثانياً بالتعليم، وثالثاً بالتعليم. التعليم باختصار هو الكلمة الأولى والأخيرة في ملحمة التنمية».
د. غازي القصيبي
لو طلبت منكم أن تتذكروا مواقف مرت بكم مع معلمين كان لهم أثر كبير على حياتكم، لاشك أنه سيتبادر في أذهانكم الكثير من المعلمين، سواء مَنْ كان لهم أثر إيجابي على حياتكم وتعليمكم ومستقبلكم أو العكس... وهنا يكمن دور وأهمية المعلم على حياة الطالب، حيث إنه ليس مجرد ناقل للمعرفة، ولكن هو مَنْ يغذي عقل ووجدان الطلاب وطوال حياتهم ويغرس بذور الثقة وحب الحياة.
لذلك لا تستهن بأثرك الطيب يا معلم، وكل كلمة تنطق بها أو تشجيع تشجع بها الطلاب، وكل لحظات التعليم ستُشكل مستقبل الطلاب، وستبقى محفورة في الذاكرة وتصنع أثراً يبقى على مر الأزمان، ولكن نتائج التعليم لا تظهر بصورة مباشرة، ولكنها تحتاج إلى وقت طويل وسنوات من التغذية حتى ترى نتائج جهدك.
وتذكر أن الحب والرفق مع الطلاب يفعل الأعاجيب، ويساعد على تقبل المعرفة بكل يُسر وسهولة. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة حسنة في هذا الأمر، يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه: «خدمتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين. والله ما قال لي أُفّاً قط، ولا قال لشيءٍ لِمَ فعلتَ كَذَا وهلا فعلت كذا». متفق عليه.
ونحن في عصر يتغير بسرعة وأصبحنا نشاهد صراع الشركات على مهندسي الذكاء الاصطناعي، لأنه بدأ يدخل في كل مناحي الحياة، حتى في أدق العمليات الجراحية، وقد يكون الدكتور في بلد والمريض في بلد آخر.
والأجهزة الذكية جعلت الطلاب أذكى وأسرع في الوصول إلى المعلومة، وفي حال لم يحاول المعلم معرفة أسرار التكنولوجيا فسيجد صعوبة بالغة في إيصال المعلومة للطلاب وفهمهم، وقد يحرج كثيراً في عدم قدرته على الاجابة عن تساؤلات الطلاب الكثيرة التي لديهم، حيث ان الأجهزة جعلتهم أذكى.
مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب مهم، والتعرّف عليهم عن قُرب أكثر، ما هي الفائدة المرجوة من تخويف الطلاب وبث روح الخوف والرعب بنفوسهم، فالإنسان الخائف لن يستطيع أن ينجز أي شيء، وقد يكون الخوف له نتائج عكسية، وقد يؤثر على مستوى الطلاب الدراسي، وعلى مستوى تفكيره وشخصيته طوال حياته.
الإبداع في ايصال المعلومة مهم، إضافة إلى إزالة المواد غير الضرورية من الدروس، والبُعد عن الطرق التقليدية خصوصاً التلقين والحفظ من دون فهم، وربط ما يتم تعليمه للطالب بالواقع ومحاولة تطبيق ذلك عملياً، أمر لابد منه، وغرس حب المعرفة والتعليم الذاتي، من أهم الأمور التي تُعين الطلاب في المستقبل.
ومن غير المعقول ولا المقبول أن يجلس الطالب في المراحل التعليمية المختلفة من دون أن يتعلم أي مهارة من مهارات الحياة، مثل مهارة الاتصال والتواصل مع الآخرين، أو كيف يتعلم ويبحث عن المعلومة، وما هي علاقته مع المال وكيف يديره.
إن تربية الطلاب على التسامح وقبول الرأي الآخر والتعايش أمر في غاية الأهمية في عصرنا هذا، لا فائدة من التعصب والتشدد، حتى لو كانت لك آراء خاصة بك، فلا ذنب للطلاب أن تتحدث أو تغرس فيهم كراهية الآخرين.
والمستقبل صناعة نفس أي صناعة أخرى، ولن تستطيع أمة أن تصنع المستقبل وهي تعيش على أطلال الماضي.
ويقول د. غازي القصيبي «أنا لا أملك إحصائيات ولكني مستعد للمراهنة على أن كتب المستقبل لا تصل إلى واحد في المئة من كتب الماضي: الذكريات، المذكرات، والسير الذاتية، وكتب التاريخ، وكتب البكاء على الأطلال... إلى آخر القائمة».