: آخر تحديث

السجن الإجباري الاختياري

8
7
6

عبد الله سليمان الطليان

كلمة السجن المعروفة وهي أن الإنسان خلف القضبان وأربعة جدران بفعل جريمة أو جنحة جنائية، ولكن هذه الكلمة في الحقيقة من حيث المعنى تسري على البشر جميعاً بمراحل وطرق مختلفة في حياتهم وعند مماتهم. عند بداية نشأة الإنسان وبداية خلقه في رحم أمه يمر بمراحل ثلاث يقول الله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} (سورة الزمر: 6)، ظلمة الرحم، وظلمة المشيمة التي فيها الرحم، وظلمة البطن، في فترة زمنية وهي تسع شهور ويمكن يكون هناك استثناء في حالات محدودة وهي الوفاة قبل الخروج للحياة، وهذه كله بقدر من الله، وبعد هذا نأتي إلى مرحلة أخرى وهي المرض والإعاقة الجسدية وهي تمر على غالبية البشر بدرجات مختلفة في الألم والوقت، يمكن أن يكون مرض عضال وصعب الشفاء يجعل صاحبة أسير المستشفى أو البيت وكذلك مع الإعاقة الجسدية الناتجة عن حادث أو حريق أو سقوط أو جلطة تشل الحركة كل هذه مع أنها تدخل في القضاء والقدر ولكن لا بد يكون هناك إهمال أو تهور أو عدم التزام صحي من جانب الإنسان فيقع في هذا السجن الذي يمكن أن يخرج منه أحياناً، ولكن بدون الوصول إلى الدرجة المطلوبة في التحسن والشفاء. وهذا هو جوانب من السجن الإجباري.

وبعد هذا نأتي إلى السجن الاختياري يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (الدُّنْيا سِجْنُ المُؤْمِنِ، وجَنَّةُ الكافِرِ) إنَّ الدُّنيا سِجنُ المؤمِنِ؛ فكُلُّ مُؤمنٍ مَسجونٌ مَمنوعٌ في الدُّنيا مِنَ الشَّهواتِ المُحَرَّمةِ والمَكروهَةِ، يَسجِنُ نَفْسَه عنِ المَلاذِّ ويَأخُذُها بالشَّدائدِ، مُكلَّفٌ بفِعْلِ الطَّاعاتِ الشَّاقَّةِ، يَحبِسُ نَفْسَه مِن كُلِّ شيءٍ لا يُبيحُه له الإسلام. وقصة يوسف عليه السلام مثال آخر على ذلك في قوله الله تعالى {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} (سورة يوسف: 33). الذي جاء السجن باختياره وإرادته.

أخيراً إلى نهاية الإنسان عندما يعود إلى السجن الأخير وهو القبر ويدفن تحت التراب منزوع الروح، سجن بدون بناء وحراس يحاسب على عمله في الدنيا في البداية ثم ينتظر يوم البعث المؤمن يقول أقم الساعة والكافر يتمنى ألا تقوم الساعة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد