خالد السليمان
شكا لي شاب يحمل شهادة من إحدى أميز الجامعات العالمية من تسلُّط مديره الأجنبي، ومحاولاته المستمرة لـ«تطفيشه»، وسوء تعامله مع معظم زملائه المواطنين. لكن المؤلم أن المدير السعودي الأعلى في الشركة يدعم هذا المدير الأجنبي، بل يشاركه تسلطه، وكأنهما يشكلان حلفاً في إدارة ملكية خاصة لا شركة تابعة لإحدى مؤسسات الدولة وخاضعة لحوكمتها!
مثل هذه الشكاوى يتهم أصحابها عادة بأنهم متوسطو الكفاءة ويبحثون عن مبررات لعجزهم عن مجاراة متطلبات الوظيفة، وهي تهمة سهلة لا يجد بعض الرؤساء والمديرين صعوبة في توجيهها لكل من لا ينسجم مع منظومتهم الإدارية، حتى إن كان ذلك الانسجام قائماً على سوء الإدارة وربما الفساد!
في الحقيقة، لا جنسية للفساد الإداري أو المالي، فهو بحد ذاته يحمل هويته الخاصة. لكن المشكلة تبرز أكثر عندما يجد مواطنون شرفاء ومؤهلون تعليمياً ومهنياً أنفسهم مقموعين من قِبَل أجانب أقل كفاءة أو نزاهة، وتحت سمع وبصر المسؤول الأعلى في الإدارة، بل وربما بمشاركته!
ورغم أن مثل هذه الممارسات محدودة في ظل معايير الحوكمة العالية ورقابة «نزاهة» الدقيقة، فإن المتضررين منها هم ضحايا يستحقون المساندة، وأن يُشَجعوا على التقدم بشكاواهم للجهات الرقابية المستقلة التي تعمل على حمايتهم والتحقق من شكاواهم وإنصافهم إن ثبتت صحتها. وفي المقابل، يجب على رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات التابعة لمؤسسات الدولة ممارسة الرقابة الفاعلة على أداء الإدارات التنفيذية، وضمان أن يكون وجود المديرين الأجانب لحاجة فعلية، لا لمجرد شغل مقاعد بلا تميز عن أقرانهم المواطنين!
في المملكة، يعمل الكثير من الرؤساء والمديرين والموظفين الأجانب الأكفاء الذين يطورون الأعمال، ويضيفون بخبراتهم الممارسات والتجارب المفيدة للكفاءات الوطنية، ويؤدون أعمالهم بكل أمانة وإنصاف. لكن هناك بعض من حصلوا على فرص لا يستحقونها يشوهون الصورة ويقوضون أهداف تطوير القدرات البشرية الوطنية بدل الإسهام في تحقيقها!
باختصار.. أقسى ما يمكن أن يواجهه المواطن الجيد أن يقهره غريب سيئ في وطنه!