حمود أبو طالب
«تاريخياً، متى أساءت السعودية بحق لبنان؟». هذه العبارة التساؤلية جاءت ضمن الحوار الذي أجرته قناة (العربية) مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، وذكر خلاله مواقف المملكة الداعمة للبنان سياسياً واقتصادياً عبر مختلف المراحل، وصولاً الى إنجاز استحقاق رئاسة الجمهورية؛ الذي كان شغوره الطويل خطراً كبيراً ضمن الأخطار العديدة التي واجهها لبنان، وما زال يواجهها. وفي السياق ذاته فقد سبقت مقابلة الدكتور جعجع مقابلة مع رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، أشاد فيها بجهود المملكة فيما يخص لبنان، والوضع العربي بصفة عامة، لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية وسيادة الدولة الوطنية التي يعيش فيها المواطنون دون تمايزات.
سؤال الدكتور جعجع يمكن إعادة طرحه بصيغة التعميم ليكون: متى أساءت السعودية بحق أي دولة عربية أو إقليمية أو خارج هذا النطاق في أي مكان في العالم؟ المملكة لم تتغير أو تتلون مبادئها الراسخة في علاقاتها الدولية التي تستند إلى الاحترام والتعاون البنّاء وترسيخ أسباب الاستقرار والسلم والمنافع الإيجابية المشتركة. وأما في محيطها العربي فإنها حاضرة دائماً من أجل الوئام وإطفاء الحرائق وقطع دابر الخلافات التي تؤدي إلى تمزق الأوطان وتفككها وضياعها في أتون الفوضى. تقوم بذلك وهي تستشعر مسؤوليتها كدولة عربية كبرى، ومن أجل الوفاء بهذه المسؤولية لا تتوانى في توظيف علاقاتها الدولية المتوازنة التي تحظى بالاحترام والثقة، وتسخير كل ما تستطيعه من دعم سياسي واقتصادي للدول الشقيقة.
الدور السعودي عبر تأريخ المملكة هو دور واضح وثابت في أدبياتها السياسية عبر كل المراحل، لكنه الآن وتبعاً للأخطار المحدقة والمتزايدة أصبح أكثر ديناميكية وحضوراً وفاعلية، سواء فيما يتعلق بالقضية العربية المركزية التي يمثلها الحق الفلسطيني في إقامة دولته، أو فيما حدث ويحدث في بعض الدول العربية؛ مثل سوريا ولبنان على سبيل المثال لا الحصر.
ورغم ذلك فإن المملكة لا تستطيع تحقيق المعجزات إذا لم تحاول الدول الواقعة في دوامة الأزمات مساعدة نفسها بإخلاص وعزيمة. كل الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة تحتاج الى إرادة داخلية وطنية شجاعة كي تتحقق النتائج الإيجابية التي تتطلع إليها وتطمح لرؤيتها على أرض الواقع في الدول التي تقوم بمساندتها، وتبقى الحقيقة الثابتة الجلية أن المملكة لا يوجد في قاموسها مصطلح الإساءة الى أي دولة، وأي باحث عن الحقيقة بتجرد وإنصاف سيجد شواهد التأريخ تثبت هذه الحقيقة.