: آخر تحديث

أوكرانيا.. منظورات أوروبية وأمريكية متباينة

1
1
2

محمد خالد الأزعر

على وقع الحرب مع روسيا اكتشف الأوكرانيون أنهم ليسوا أحراراً تماماً في تعيين خياراتهم أو أنماط تحالفاتهم وشراكاتهم الخارجية الإقليمية القارية بالذات، اكتشفوا أن تكييفات وتقديرات الجار الروسي لأمنه القومي على تخومهم الشرقية تمثل محدداً صارماً لخياراتهم لا يصح لهم التغاضي عنه دون دفع أثمان باهظة، اكتشفوا أيضاً كم أنهم بحاجة للظهير الأوروبي والغربي عموماً لتعزيز قدراتهم الشاملة في وجه هذا الجار القوي الرابض والمقيم الأزلي على حدودهم..

هذا ما يمكن فهمه من القراءة العامة لخطاب القادة الأوكرانيين، ولاسيما الرئيس فولوديمير زيلينسكي، بيد أن ما حدث بالفعل هو أن مجريات الحرب وتفاعلاتها كانت فيما يبدو من أهم معطيات التمهل وليس التسرع أوروبياً وأطلسياً في التعامل مع الطموح الأوكراني.

حسابات الإسناد الدقيقة البعيدة عن التهور فرضت على عالم الغرب عامة، بشقيه الأوروبي والأمريكي، أخذ مخاوف روسيا واعتباراتها الأمنية وخطوطها الحمراء بعين الاعتبار، غير أنه حتى في إطار هذه الحسابات يمكن ملاحظة غلبة العقلانية والتروي، وقد نقول الفتور أحياناً تجاه المطالب الأوكرانية على الضفة الأمريكية، قياساً بالاندفاع والحماس الأوروبي.

تتجلى مؤشرات تعزيز هذه القناعة عند تأمل الاختلافات النسبية في مواقف الطرفين، فالأوروبيون مثلاً لا يمانعون في فتح خزائنهم لمنح كييف هبات مالية أو قروضاً ضخمة ميسرة، ويذهبون إلى إخضاع موسكو لأقصى قدر من العقوبات متعددة الأنماط، ويضغطون ملياً لاستخدام الأصول الروسية المجمدة وليس عوائدها فقط لصالح جبهة كييف.

أين هذه الأريحية والمقاربة الرقيقة والأبواب المفتوحة التي جعلت البعض يصف ما يدور في أوكرانيا بأنها حرب الأوروبيين، من الخطوات الأمريكية الأكثر تحفظاً إزاء كييف وتفهماً للسياسة والأهداف الروسية؟

لغير مرة وفي غير مناسبة، صرح ترامب بما يوحي بتسامحه مع مطلبي روسيا: الاعتراف بضم شبه جزيرة القرم منذ العام 2014، والإقرار بسيطرة روسيا على مناطق أوكرانية أخرى بحكم الأمر الواقع.

من الواضح أن الأوروبيين يتخوفون من تحول انتهاك هذا المبدأ في الحالة الأوكرانية، إلى نموذج يتكرر مع خرائطهم الإقليمية المستقرة.. هذا في حين يبدو موقف ترامب أكثر اتساقاً مع أفكار ورؤى سبق له أن طرحها بأحاديثه عن ضم كندا وغرينلاند وبنما..

في كل حال يصعب التكهن بالكيفية التي يمكن بها التوفيق بين مطالب الأطراف الأساسية المنغمسة، بمقادير مختلفة في المعمعة الأوكرانية، الروس والأوكرانيين والأوروبيين والولايات المتحدة..


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد