: آخر تحديث

أنصاف القلوب

8
6
5

سارا القرني

بعض القلوب لا تُعطيك حبًا.. بل تمنحك نصفه. نصف دفء، نصف اهتمام، نصف حضور.. ونصف وعد. أنصاف القلوب لا تؤلمك دفعة واحدة، بل تنهكك بالتدريج، لأنها تُبقيك في دائرة الانتظار، معلَّقًا بين الاحتمال والخذلان.

أن تحب قلبًا لا يكتمل فيك، يعني أن تكون دائمًا في حرب: تحاول إقناعه أنك تستحق، وتحاول إقناع نفسك أن ما يصلك كافٍ. بينما الحقيقة أنك تتآكل، تضعف، وتُجرد من استحقاقك وأنت تبتسم.

ليست القسوة دائمًا في الغياب، بل في الحضور الناقص، في الرسائل التي لا تصل، في الكلمات التي لا تُقال، في الاهتمام الذي يأتي مُحمَّلاً بالمنّ، أو مُقنّنًا وفق مزاجية الطرف الآخر.

ما أصعب أن تشعر أنك الخيار المؤجل، الورقة الاحتياطية، الخطة الثانية.. تُستخدم حين لا يتوفر البديل. وما أقسى أن تكتشف أن من تسكنه، لا يمنحك حتى مفتاح بابه.

أنصاف القلوب تفتح جروحًا لا تُشفى، لأنها تُشعرك بأنك السبب، أنك لست كافيًا، أنك بحاجة لأن تُبدّل ذاتك لتنال القبول. لكنها تكذب.. فأنت لست المشكلة، بل هم الذين لا يعرفون كيف يُحبّون دون شروط.

الحب الحقيقي لا يأتي مُجزّأ. لا يُطفئك لتضيء سواه، ولا يُعلّقك في المنتصف باسم «الظروف». الحب لا يُقايضك بمزاج، ولا يُقيمك بميزان الحاجة.

حين تُحب.. لا تكتفِ بالقليل.

ابحث عن قلب يُكملك، لا يُنقّصك.

عن علاقة تُشبه السلام، لا تُعيدك لحربٍ قديمة.

عن شعورٍ لا يتطلَّب إثباتات، ولا يُخضعك لاختبارات.

أما أنصاف القلوب.. فاتركها لأصحاب النصف فقط.

أنت لا تستحق إلا الكل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد